بيد أنكما، في الواقع، انسجمتما معا على نحو جيد، ودارت بينكما مناقشة حول الصراعات الحادة بين مراتب مختلفة من الرهبان في القرن السابع الميلادي، أليس كذلك؟ وكان الخلاف بين أولئك الرهبان يدور حول الكيفية التي ينبغي عليهم حلق رءوسهم بها.
دعاك أبي بالشاب الطويل النحيل ذي الشعر المتموج. وكان هذا الوصف منه أشبه بالمجاملة.
وعندما أخبرته عبر الهاتف فيما بعد أننا لن نتزوج، كان رده: «يا إلهي! هل تعتقدين أنه بإمكانك مقابلة شخص آخر والزواج منه؟» ولو اعترضت على ما قاله، لقال لي كعادته إنه كان يمزح. وقد كانت بالفعل مزحة. لم أقابل شخصا آخر لأتزوجه، لكنني ما كنت على الأرجح في أفضل أحوالي لأحاول فعل ذلك. •••
عادت السيدة باري بعد أقل من ثلاثة أسابيع، مع أنه كان من المفترض أن تستمر إجازتها شهرا. بيد أنه صار عليها العمل عدد ساعات أقل يوميا مقارنة بما سبق؛ فقد أصبحت تستغرق وقتا طويلا للغاية في ارتداء ملابسها وأداء الأعمال المنزلية؛ ومن ثم، صار من النادر مجيئها إلى هنا (كان من يقوم بتوصيلها هو ابن أختها أو زوجته) قبل الساعة العاشرة صباحا تقريبا. «يبدو والدك منهكا.» كانت تلك أولى كلماتها لي، وأظن أنها كانت محقة فيها.
فقلت لها: «ربما ينبغي عليه نيل قسط من الراحة.»
فقالت: «يزعجه الكثيرون.»
أحضرت السيارة الميني كوبر من ورشة الإصلاح، وها هي الأموال قد دخلت في حسابي المصرفي، وما وجب علي فعله الآن هو المغادرة، لكن ثمة أفكارا حمقاء تراودني. ماذا إذا جاءت حالة خاصة أخرى؟ كيف يمكن للسيدة بي مساعدة أبي؟ فهي لا تستطيع استخدام يدها اليسرى بعد في حمل أي شيء ثقيل، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال حمل الإناء باستخدام يدها اليمنى فحسب. •••
آر، اليوم هو أول الأيام التي تلت تساقط الثلوج بغزارة. حدث ذلك أثناء الليل، وفي الصباح أضحت السماء صافية؛ لم تعد هناك رياح، وصار ضوء النهار مبهرا، فخرجت للمشي باكرا تحت أشجار الصنوبر. تساقط الثلج من بين أغصانها بلونه البراق كتلك الأشياء التي تعلق على أشجار عيد الميلاد، أو كالماس. كانت الثلوج قد جرفت بالفعل من على الطريق السريع، وكذلك الزقاق الذي يوجد فيه منزلنا؛ ومن ثم، كان بإمكان أبي قيادة سيارته إلى المستشفى، وربما كان بإمكاني أيضا قيادة سيارتي ومغادرة المنزل وقتما أشاء.
مرت بعض السيارات إلى داخل المدينة وخارجها، كما هو الحال في أي صباح آخر.
وقبل أن أدخل إلى المنزل، أردت معرفة ما إذا كان من الممكن تشغيل سيارتي، وقد دارت بالفعل. وعلى المقعد المجاور لمقعد السائق، رأيت علبة؛ علبة شوكولاتة تزن رطلين وتشبه علب الشوكولاتة التي تباع في الصيدليات. لم أعرف كيف وصلت إلى السيارة ، وتساءلت عما إذا كانت هدية من الشاب الذي التقيته في الجمعية التاريخية. كانت فكرة حمقاء. لكن من غيره يمكن أن يفعل ذلك؟
صفحه نامشخص