وكان ذلك من خير ما يوصف به الشعر في الحب، وتنعت به أحاديث الصبابة؛ لولا أننا لا نعده حسنة للشاعر ولا منقبة للمحب، ما لم يكن من خواصه، ومما لا يعدل عنه، فكيف وابن أبي ربيعة متهتك في شعره، متطرف في نسيبه؟
على أن هذا الشعر وإن دل على عفة المحب، فإنه لا يدل على إغراب المحبوب في الصيانة، وإمعانه في التمنع، وخير منه قول الشنفرى في ظبية تسكن إلى أمها، وتنفر من محبها:
لقد أعجبتني لا سقوطا قناعها
إذا ما مشت ولا بذات تلفت
تحل بمنجاة من اللوم بيتها
إذا ما بيوت بالملامة حلت
كأن لها في الأرض نسيا تقصه
على أمها وإن تكلمك تبلت
37
وما زال العرب يفتخرون بالعفة، ويتمدحون بالصيانة، فكيف يكون ابن أبي ربيعة مبتدعا للعفة في المقال، وقد عرفت من قبله في الفعال؟ ومما ابتدعه أيضا في زعمهم عطف المساءة على العذال في قوله:
صفحه نامشخص