لا تطع بي فدتك نفسي عدوا
لحديث على هواه افتراه
لا تطع بي من لو رآني وإيا
ك أسيري ضرورة ما عناه
ولا فرق بين هذين الشعرين إلا أنه في أولهما يحدث عن نفسه، وفي ثانيهما عن حبيبته.
وكذلك ألاحظ أن قوله: «وقلة الانتقال، وإثبات الحجة، إن قدح أورى، وإن اعتذر أبرا، وإن تشكى أشجى.» كل هذه الصفات تؤدي إلى غرض واحد: هو استيفاء الموضوع، وإقناع المخاطب؛ فإنك تنظر إلى ما أنشده في قلة الانتقال، فلا تجد غير ما أنشده في إثبات الحجة: فكلاهما في محاورة اللائم ومراجعة العاذل.
على أن إسباغ الكلام، وتتميم الموضوع، يعدان من الميزات الأولية في الشعر العربي، فقد يتكلم الشاعر عن عدة أشياء في قصيدة واحدة، وهو مع ذلك يوفي كل موضوع حقه، ويعطي كل وصف قسطه. وهذا سويد بن أبي كاهل اليشكري، جعل قصيدته العينية صحيفة لتاريخه، وشرحا لأغراضه، حتى ليحسب القارئ أن ليس في استطاعة شاعر غيره، أن يبسط القول في مسألة واحدة بسطه فيها، ولا أن يبلغ غرضه من شيء ما بلغ منه، فلو أن شاعرا شاء أن يصف عدوا حسن الظاهر سيئ الباطن، لما زاد على قوله:
رب من أنضجت غيظا قلبه
قد تمنى لي شرا لم يطع
ويراني كالشجا في حلقه
صفحه نامشخص