غيرها وصلها إليها أداء
كل أنثى وإن دنت لوصال
أو نأت فهي للرباب الفداء
وعندي أن هذا الشعر يدل على الكذب أكثر مما ينم على الصدق، وما قيمة الصدق في حبه، والحب في قلبه، وهو يعرف غيرها ويصل سواها؟ ولو أنه نظر نظرة عميقة في شعر ابن أبي ربيعة لاهتدى إلى المثال الواضح، والشاهد البين في الدلالة على صدقه في الحب، وثباته في الغرام، وإليكم أحسن ما قال ابن أبي ربيعة في هذا المعنى، وقد وقف في بعض المناسك فأقبل النساء جماعات جماعات كأسراب الحمائم، وكن بالحج عابثات، وفي النسك لاعبات:
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة
ولكن ليقتلن البريء المغفلا
فأخذ الرجال يرشقونهن بالنظرات، ويصلونهن بالأماني: فيطيعون الهوى ويعصون الله، ويجيبون داعي الحسن ويعقون داعي النسك، كل ذلك وابن أبي ربيعة عفيف الطرف والقلب، لا خشية من الله، أو إجلالا للمنسك، ولكن طاعة للهوى، ونزولا عند حكم الصبابة، احتفاظا بود من يهوى، ورعيا لعهد من يحب، وفي ذلك يقول:
يقولون أني لست أصدقك الهوى
وأني لا أرعاك حين أغيب
فما بال طرفي عف عما تساقطت
صفحه نامشخص