حصوننا مهددة من داخلها

Muhammad Muhammad Hussein d. 1402 AH
80

حصوننا مهددة من داخلها

حصوننا مهددة من داخلها

ناشر

مؤسسة الرسالة

شماره نسخه

الثامنة

سال انتشار

١٤٠٤ هـ -١٩٨٣ م

محل انتشار

بيروت

ژانرها

وقد لا تكون هناك نصوص صريحة في القرآن أو في الحديث تمنع المرأة من العمل في خارج البيت لكسب عيشها حين تدعو إلى ذلك ضرورة، ولكن من المؤكد أن اتخاذ هذه السنة أصلًا من أصول التنظيم الاجتماعي يخالف روح الشريعة ويناقض كثيرًا من نصوصها ويتعارض مع كثير من شرائعها وحدودها تعارضًا واضحًا. ١ - قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ (النساء ٣٤) تشير الآية إلى ناموس من نواميس الله الثابتة وهي قوامة الرجال على النساء، وقد ناط ﷾ حكمته في ذلك بسببين ظاهرين: أولهما أن فطرة الرجل تخالف فطرة المرأة، فهي تفضله في تدبير شؤون البيت وتربية الولد والقيام عليه، بما جبلت عليه من الحنان والرقة ومن التركيب العضوي الذي يعينها على وظيفتها مثل ضعف جهازها العصبي الذي يقلل إحساسها بآلام الحمل والوضع، وإن كان يجعلها في الوقت نفسه أكثر استهدافًا لأنواع الأمراض وأسرع تهيجًا وأقوى انفعالًا، مما يؤثر في سلامة التقدير وصحة الإِدراك ويجعلها أقل قدرة من الرجل على مجابهة الأزمات والتماسك أمام الشدائد والملمات. أما الرجل فهو يفضلها - لما سلف من الأسباب - في القوة البدنية وفي قوة التفكير وصحة التقدير ورباطة الجأش، مما يعده للكفاح ومعالجة المشاق، والكدح وراء معاش الأسرة، وفي سبيل الحفاظ على كيانها ودفع ما يتهدده من أخطار. والسبب الثاني الذي انبنت عليه هذه القوامة هو أن الرجل يتولى الإِنفاق، لأنه هو الذي يكسب المال حسب ما جبل عليه. فليس من العدل أن يكلف فرد بالانفاق على هيئة أوجماعة ثم لا يكون له رأي في الإِشراف على مصارف هذه النفقة. وعلى ذلك تجري الحكومات النيابية العاصرة، ويعتبر ذلك أصلًا من أصول تشريعاتها. فإِذا جرينا على اعتبار عمل المرأة في خارج المنزل وكدها في سبيل كسب

1 / 84