فِي حقائق الملكوت وأسرار اللاهوت وَمن لذته التابعة لغيره أَنه لَا يقبل الْعَزْل وَالنّصب مَعَ دوامة لَا مزاحمة فِيهِ لأحد لِأَن المعلومات متسعة مزيدة بِكَثْرَة الشُّرَكَاء والصناعات متكالمة متزايدة بتلاحق الأفكار والآراء وَمَعَ هَذَا لَا ترى أحدا من الْوُلَاة الْجُهَّال إِلَّا يتمنون أَن يكون عزهم كعز أهل الْعلم إِلَّا أَن الْمَوَانِع البهيمية تمنع عَن نيله وَأما اللذائد الْحَاصِلَة لغيره أما فِي الْأُخْرَى فلكونه وَسِيلَة إِلَى أعظم اللذائد الأخروية والسعادة الأبدية وَأما فِي الدُّنْيَا فالعز وَالْوَقار ونفوذ الحكم على الْمُلُوك والحكام وَلزِمَ الاحترام فِي الطباع فَإنَّك ترى أغبياء التّرْك وأجلاف الْعَرَب وأرذال الْهِنْد وَغَيرهم يصادفون طبائعهم مجبولة على التوقير لشيوخهم وعلمائهم لاختصاصهم بمزيد علم مُسْتَفَاد من التجربة بل الْبَهِيمَة تجدها توقر الْإِنْسَان بطبعها لشعورها بتمييز الْإِنْسَان بِكُل مجاوز لدرجتها حَتَّى أَنَّهَا تنزجر بزجره وَإِن كَانَت قوتها أَضْعَاف قُوَّة الْإِنْسَان ثمَّ السَّعَادَة منحصرة فِي قسمَيْنِ جلب الْمَنَافِع وَدفع المضار وكل مِنْهُمَا دينوي وديني فالأقسام أَرْبَعَة
الأول مَا ينجلب بِالْعلمِ من الْمَنَافِع الدِّينِيَّة وَهُوَ خَفِي وَخلقِي
الثَّانِي مَا ينجلب بِهِ من الْمَنَافِع الدُّنْيَوِيَّة وَهُوَ وجداني وذوقي وجاهي رتبي ثمَّ مَا يجلبه الْعلم من الوجاهة والرتبة وَهِي إِمَّا عِنْد الله ﷾ وَإِمَّا عِنْد الْمَلأ الْأَعْلَى وَإِمَّا عِنْد الْمَلأ الْأَسْفَل
الثَّالِث مَا ينْدَفع بِالْعلمِ من المضار الدِّينِيَّة وَهُوَ نَوْعَانِ فعل النواهي وَترك الْأَوَامِر
الرَّابِع مَا ينْدَفع بِهِ من المضار الدُّنْيَوِيَّة وَهُوَ أَيْضا نَوْعَانِ الأول دفع الْمصَالح والمقاصد وجلب المعايب والمفاسد الثَّانِي مضرَّة اجتلاب الْمَفَاسِد برفض القانون الشَّرْعِيّ العاصم من كل ضلال
وَفِي الحَدِيث السَّابِق الْمَرْوِيّ من معَاذ بن جبل إِشَارَة إِلَى كل من هَذِه الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة
1 / 18