تاريخ التراث العربي لسزكين - الشعر
تاريخ التراث العربي لسزكين - الشعر
ناشر
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ژانرها
المحدّثين، كان الشيخ أو من ينوب عنه يقرأ نصّا على التلاميذ، أو كان أحد التلاميذ يقرأ النص على الشيخ، وكان على التلميذ أو السامع أن يقدم عند روايته لهذا النص أو عند الاقتباس منه اسم شيخه مسبوقا بعبارة «حدّثنا» أو «أخبرنا» (١٦٥) وهما عبارتان يمكن أن يفهمها البعض على أساس أنهما لا تشيران إلا إلى الرواية الشفوية، ولكن سياق الحديث كان يتعرض من حين لآخر للنصوص التى تقوم عليها الرواية، ويكفى هنا المثال الآتى:
أبو النّضر جرير بن حازم البصرى (المتوفى ١٧٠ هـ/ ٧٨٦، انظر تاريخ التراث العربى (I،٣١٠ هو تلميذ أبى عمرو بن العلاء (انظر التهذيب لابن حجر ٢/ ٧٠) قال لابنه وهب بن جرير: «كنت أروى ٣٠٠ قصيدة لأميّة» (ابن أبى الصلت) فسأله وهب عن الكتاب الذى كان يضم هذه القصائد، فرد الأب بما يفيد أنه استعير فضاع (١٦٦) وتدل القرائن على أنه لم يكن من المستحب فى منتصف القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) - فى دوائر اللغويين أيضا- أن تروى الكتب دون سماع من شيخ أو قراءة عليه، خوفا من التصحيف والخطأ فى الفهم، فقد مدح أبو نواس شيخه/ خلفا الأحمر بقوله:
لا يهم الحاء فى القراءة بالخاء* ولا لامها مع الألف ولا يعمّى معنى الكلام ولا* يكون إنشاده عن الصّحف (١٦٧) وقد نقد أبو حاتم السجستانى؛ لأنه اعتمد على الكتب وحدها، فى حين كان الآخرون يستطيعون إسناد مادتهم إلى الشيوخ، قال بعضهم يهجو أبا حاتم السّجستانى:
إذا أسند القوم أخبارهم* فإسناده الصّحف والهاجس (١٦٨) وفى هذا الصدد ينبغى أن نذكر أيضا فصحاء الأعراب، وهم جماعة من الرواة
_________
(١٦٥) انظر: تاريخ التراث العربى (الأصل الألمانى) ٥٨، ١ وما بعدها.
(١٦٦) انظر: فحولة الشعراء للأصمعى، تحقيق تورى، Torrey فى:
ZDMG ٦٥ /١٩١١ /٥٠٠ ويوجد النص فى طبعة القاهرة ١٩٥٣ ص ٣٣، وبعد جيل واحد يدور الحوار مرة ثانية بين وهب بن جرير والأصمعى، ووهب هنا هو الراوية.
(١٦٧) انظر: التصحيف، للعسكرى ١٣، وديوان أبى نواس، طبعة القاهرة ١٨٩٨ ص ١٣٥، ومصادر الشعر الجاهلى، لناصر الدين الأسد ١٨١.
(١٦٨) التصحيف والتحريف، للعسكرى ١٣، ومصادر الشعر الجاهلى ١٨١.
1 / 44