203

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

ناشر

دار الثقافة

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

المقام ثلاث قصائد: اثنين قالهما في الجبل والثالثة في القمر، وإحدى القصيدتين في الجبل تغني عن أختها لما بينهما من تشابه، وتلك هي التي يقول فيها (١):
وأرعن طماح الذؤابة باذخ ... يطاول أعنان السماء بغارب
يسد مهب الريح عن كل وجهة ... ويزخم ليلا شهبه بالمناكب
وقور على ظهر الفلاة كأنه ... طوال الليالي مطرق في العواقب فهذه صورة الجبل الذي يمثل الطموح والارتفاع والاعتراض والوقار الصامت الذي يشبه إطراق المتأمل، ثم يأخذ هذا الصامت في سرد ما مر به من مشاهد، فهو شخص آخر إزاء الشاعر يحدثه:
وقال ألا كم كنت ملجأ فاتك ... وموطن أواه تبتل نائب
وكم مر بي من مدلج ومؤوب ... وقال بظلي من مطي وراكب
ولاطم من نكب الرياح معاطفي ... وزاحم من خضر البحار جوانبي
فحتى متى أبقى ويظعن صاحب ... أودع منه راحلا غير آيب
وحتى متى أرعى الكواكب ساهرا ... فمن طالع أخرى الليالي وغارب
فرحماك يا مولاي دعوة ضارع ... يمد إلى نعماك راحة راغب
فأسمعني من وعظة كل عبرة ... يترجمها عنه لسان التجارب
فسلى بما أبكى، وسرى بما شجى ... وكان على ليل السرى خير صاحب
وقلت وقد نكبت عنه لطية ... سلام فانا من مقيم وذاهب ونرى أن إنسانية الجبل تتزايد تدريجيا في القصيدة، فإذا هو يمثل صورة أخرى من وقفة الشاعر نفسه، أو هو الشاعر نفسه، وهو لا يعبر عن طول الصمود ولذة الخلود، وإنما يعبر عن استثقاله للحياة، ووحدته

(١) المصدر نفسه: ٢١٦.

1 / 209