هندوسی: مقدمهای بسیار کوتاه
الهندوسية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
أميرة علي عبد الصادق
مراجعة
مصطفى محمد فؤاد
مقدمة
تنتشر آلهة الهندوس، سواء الذكور منها والإناث، في كل مكان بالهند؛ فتجدها مختفية داخل معابد خلابة ومزارات صغيرة على جانب الطريق، وتجدها أيضا مرسومة في نقوش حجرية متداخلة، كما تنتشر صورها في الإعلانات التجارية والتقويمات المطبوعة ولافتات الإعلان عن الأفلام، وتوجد أيضا على أكشاك البيع وواجهات المتاجر على شكل حلي ومنحوتات صغيرة. إنها منسوجة في نسيج الحياة في القرى والمدن الهندية، ويمكن العثور عليها اليوم أيضا في المجتمعات الهندوسية من جزر الكاريبي إلى أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة، ومن جنوب أفريقيا إلى تايلاند. تلك الآلهة تحظى بإعجاب الجميع، والأماكن العديدة التي تظهر بها وتعدد الأشكال التي تتخذها؛ دليل على تنوع وثراء الثقافة الهندوسية.
لكن الهندوسية تتجاوز نطاق الثقافة لتصل إلى نطاقات أخرى، مثل التركيب الاجتماعي والحياة الاجتماعية للهندوس، والقضايا الأخلاقية، والقضايا السياسية المتعلقة بالمساواة والنزعة القومية. تؤثر الهندوسية المعاصرة بما تحتويه من قصص وتعاليم وطقوس قديمة في العديد من جوانب حياة الهنود داخل شبه القارة الهندية وفيما وراءها حتى إننا بدأنا نتساءل عن كيفية تعريفها. فهل من المناسب أن نطلق عليها «ديانة»؟ هل هي شبيهة بالمسيحية أو الإسلام؟ فيم تختلف عنهما؟ وهل تتعارض في الواقع مع أفكارنا عن طبيعة الأديان؟
يأخذنا هذا الكتاب الذي يعد مقدمة عن الهندوسية إلى التفكير في تلك الموضوعات، وسوف نبدأ بطرح سؤال عن كيفية تأثير منطلقات مختلفة في طريقة فهمنا واستيعابنا للهندوسية. على سبيل المثال، ما مدى اختلاف دوافع واستنتاجات أتباع الهندوسية وعلمائها عن دوافع واستنتاجات الباحثين؟ في الفصول التالية، سوف نتعرف على الأهمية التي يوليها الهندوس للتقاليد التي تتضمنها نصوصهم الدينية، ولوحيها المبكر لهم، وعمليات التوارث اللاحقة لها من جيل إلى جيل على أيدي الكهنة والمعلمين الروحانيين ورواة القصص.
أحد الأسئلة المهمة التي فكر فيها الهندوس وتناقلوها عبر قرون عديدة هو «من أكون؟» أو بعبارة أخرى: «ما الذات؟» بحث الفلاسفة في طبيعة الذات وعلاقتها بالإله والعالم، وهل تبقى بعد الممات أم لا؟ وكيف تؤثر أفعالنا فيها؟ ولا تزال هذه القضايا مطروحة اليوم. في الفصل الثالث من هذا الكتاب، سوف نتناول كيفية مناقشة تلك الأسئلة في العصور الأولى، وسوف نتطرق أيضا إلى أهميتها في الوقت الحالي.
في الفصلين التاليين، سوف نتعرف على مجموعة مختلفة من الآلهة الهندوس، سواء الذكور منها والإناث، والقصص المروية عنها، والطريقة التي تصور بها في المنحوتات والصور، وأشكال العبادات التي يتقرب بها إليها. سنتحدث عن راما وسيتا ودورجا وجانيشا وفيشنو وشيفا وكريشنا، وسنتطرق أيضا إلى كيفية فهم الهندوس لما هو إلهي؛ هل يعبدون عدة آلهة في آن واحد، أم إن كل هذه الآلهة هي صور مختلفة لذات إلهية واحدة؟ هل من الوارد أن يكون هناك قدر من الحقيقة في هاتين الفكرتين؟
في القرنين السابع عشر والثامن عشر، عندما احتك الأوروبيون لأول مرة بالأفكار الهندوسية بشأن ما هو إلهي، وبالطقوس والحياة الاجتماعية الهندوسية، أصابهم الذهول ووقعوا في حيرة من أمرهم، لقد رأوا كل شيء من خلال منظورهم الديني والثقافي، وقارنوا ذلك بخبراتهم، وكثيرا ما كانوا يخلصون إلى استنتاجات سلبية. في الفصل السادس، سنتطرق إلى علاقة الأوروبيين والأمريكيين بالهندوسية، وتأثير الاستعمار البريطاني على التطورات الدينية في الهند في القرون الأخيرة. منذ وقت مبكر، بدأ المصلحون الهندوس والحكام البريطانيون بالدعوة إلى المساواة والتغيير الاجتماعي، خاصة للنساء وللطوائف التي توصم بأنها «منبوذة» من جانب الطوائف الهندوسية الأعلى مكانة. أما في الفصل السابع، فسوف ننتقل إلى الحديث عن آراء النساء والجماعات المنبوذة - أو الداليت مثلما يطلق عليهم اليوم - ونناقش أوضاعهم داخل النظام الهندوسي.
صفحه نامشخص