هندوسی: مقدمهای بسیار کوتاه
الهندوسية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
على الرغم من أن هؤلاء الفلاسفة والعلماء الثلاثة هم أشهر الباحثين في نظام فيدانتا الفلسفي، فثمة باحثون آخرون، أغلبهم من الفايشنافا مثل رامانوجا ومادهفا، الذين يتغنون بأمجاد فيشنو أو كريشنا، وعمل آخرون، ولا سيما من بجلوا الإله شيفا، خارج تقليد نظام فيدانتا، معتمدين على النصوص التنترية في تطوير أفكارهم اللاهوتية.
اليوم، لا يزال التلاميذ في المؤسسات الدينية المرتبطة بشانكارا ورامانوجا ومادهفا يسمعون ويناقشون هذه الاستنتاجات الفلسفية. فلا يزال القادة الشانكاريون، الذين عرضنا لهم في الفصل السابق، يبشرون باللاثنائية (أدفايتا فيدانتا). وأتباع نظام شري فايشنافا الموجودون في جنوب الهند هم الورثة الطبيعيون للاهوت رامانوجا. ولا يزال الدير الموجود في أوديبي يعلم الثنائية التعبدية التي نادى بها مادهفا. كما أن حركة شايفا سيدهانتا، التي ذكرت في بداية هذا الفصل، تعلم اللاهوت الذي طوره علماء اللاهوت الشايفا القدامى. وفي وقت سابق من هذا القرن، رأى الكثير من المعلقين أن اللاثنائية التي آمن بها شانكارا، هي أهم إنجاز فكري هندي. لكن ساعد، مؤخرا، الوعي بأهمية الحركات التعبدية الهندوسية على إعادة التأكيد على أهمية وجهات النظر التأليهية التي تركز على علاقة المحبة بين المتعبدين وإلههم المختار.
ليست هذه الأفكار الفلسفية، في الواقع، موضوعا للمناقشة اليومية لدى أغلبية الهندوس، لكنها تمثل أساس فكرة الهندوس عن الإله. فتحديد إن كان الهندوسي يؤمن بحقيقة موضوعية مطلقة أم بإله شخصي له نتائج مهمة على ممارسته الدينية ورحلته الروحانية. ويعد اكتساب المزيد من المعرفة عن الحقيقة المطلقة وعلاقتها بالذات أمرا مهما للحقيقة المطلقة، بينما تعد الصلاة والعبادة محوريين للذات. لكن ثمة فكرة دينية واحدة يشير إليها كل الهندوس عادة؛ ألا وهي «الكارما». (4) الكارما واليوجا والذات
لا تكتمل أي مناقشة موجزة حول الآراء الهندوسية عن الذات دون النظر في مفهومين معروفين؛ ألا وهما «الكارما» و«اليوجا». إنهما كلمتان يعرفهما الجميع، ليس فقط في الهند وإنما أيضا في الغرب؛ حيث ترتبط الكارما عادة بالقدرية والتناسخ، وتمارس اليوجا - عادة الهاثا يوجا (اليوجا الحركية) - لتحسين الصحة والعافية. ولقد ذكرت هاتان الكلمتان في «أوبانيشاد» و«بهاجافاد جيتا»، وناقشهما شانكارا ورامانوجا ومادهفا. وعرفهما - بوصفهما أفكارا - الزاهدون أو الحكماء في الهند القديمة.
أي شخص يعرف قصة بوذا سيدرك أن المجتمع الهندي القديم في عصر بوذا كان مكانا للبؤس والشقاء في نظر الباحث الروحاني. فالسعادة زائلة وسرعان ما يحل محلها التقدم في السن والمرض والموت. وأوضح الباحثون أيضا أن ذلك الوقت شهد تغيرا اجتماعيا وسياسيا؛ إذ اتسعت المدن وقضي على نمط الحياة الزراعية وتآكل تنظيمها الاجتماعي. ومع التنمية الحضرية، سنحت فرصة أكبر للتنقل والتواصل. وانتقلت الأفكار الجديدة من مكان إلى آخر، وهكذا الحال بالنسبة إلى الناس. واشترك الكثير ممن نبذوا المجتمع ليرتحلوا ويعيشوا حياة الزهد من وجهة النظر القائلة بأن شخصية المرء أو ذاته يتقمصها جسد جديد عند الموت، وتدفع دورة الانبعاث (سامسارا) سلسلة من الأسباب والنتائج المرتبطة بالأفعال (كارما). وتمر كل الكائنات الحية بهذه الدورة. وعلى الرغم من أن الأفعال الصالحة قد تؤدي إلى نتائج سارة وميلاد أفضل، فقد رأى الكثيرون أن العذاب والحتمية المتأصلين في هذه العملية لا يمكن تحملهما. ومن ثم كان السعي للتحرر من الميلاد المتكرر المستمر؛ إذ حاول الزاهدون إيقاف هذه الدورة باستخدام سبل عدة، مثل عزل أنفسهم عن المجتمع، والصيام ومعاقبة النفس جسديا، وإحاطة أنفسهم بأشياء تذكرهم بالعذاب والموت، والاعتكاف للتأمل. ومن خلال هذه السبل، سيتوقف العمل ونتائجه وسيكون التحرر ممكنا.
شكل 3-1: تناسخ الذات.
وقد تم تناول المشكلات المتعلقة بالعمل والميلاد المتكرر بعد عدة قرون في «بهاجافاد جيتا». ففيه نجد أرجونا يسأل سائق عجلته الحربية، كريشنا، إن كان يجب عليه الدخول في معركة ضد أحد أقاربه. ويقدم كريشنا، الذي هو في الحقيقة الإله الأعلى متنكرا، التوجيه لأرجونا كمعلم روحاني مشيرا إلى مسألة العمل النابع من الشعور بالواجب، وشارحا رحلة الذات وسبل تحررها. ويوضح لأرجونا الحائر أن الذات أو الروح المتجسدة لا تموت في المعركة، وإنما تنتقل إلى جسد جديد: «لا يمكن طعنها، أو حرقها، أو بلها، أو تجفيفها. إنها غير متغيرة، وموجودة في كل مكان، وثابتة، وغير متحركة، وخالدة.» ويذكر كريشنا أرجونا بواجبه الاجتماعي والديني (دارما) بصفته عضوا في طبقة المحاربين، ويعلمه آداب العمل. ويفترض أرجونا أن كريشنا يؤمن بأنه يجب نبذ العمل، شأنه شأن الزهاد.
لكن رد كريشنا جاء عاليا وواضحا: «لا يتحرر الإنسان من نتائج العمل عن طريق الامتناع عن العمل نفسه، ولا يصل إلى الكمال بنبذ العمل.» ويواصل كريشنا حديثه موضحا أن ما يجب نبذه هو نتائج العمل، وليس العمل نفسه؛ فيجب ألا يرغب الإنسان في مكافآت معينة، وألا يفتخر بنفسه بوصفه فاعلا لأمور عظيمة. ويجب أن يكون المرء راضيا عن نفسه، ويقدم العمل ونتائجه كقربان للإله. وهذا هو أدب الكارما يوجا. وبعد أن علم كريشنا أرجونا ذلك، يشرح له سبلا أخرى جيدة يمكنها - إن اتبعت باستمرار - أن تمنح أي باحث الرزانة، والتحرر في نهاية الأمر. ولقد ركز كريشنا - الذي اتضح تدريجيا في الأغنية أنه إله الكون الذي قد يجد لديه كل الباحثين الملاذ - على جنانا يوجا (الطريق إلى المعرفة) وبهاكتي يوجا (طريق الإخلاص في العبادة) بوجه خاص، وهما المفهومان اللذان سنعود لتناولهما في الفصل الخامس من هذا الكتاب.
في الفصل السادس من «بهاجافاد جيتا»، يناقش كريشنا ممارسة خبير اليوجا، وإن كان يوصي بهذا الطريق للقادرين فقط على التحكم القوي في الذات وتقرير المصير. ويصف كيف يجب أن يجلس ذلك الشخص، وكيف يجب أن يتحكم في حواسه وغرائزه، وكيف يجب أن يركز على عقله. ويعد كل من التركيز على الذات، وكبت الأهواء، والمحافظة على الهدوء أهم معالم هذا الطريق، الهادف إلى الهناء. ما يصفه كريشنا هنا ليس الهاثا يوجا الأكثر مشقة من الناحية البدنية، التي يتخذ فيها الممارسون أوضاعا صعبة؛ وليس السيدها يوجا التي يكتسب خبراؤها قدرتي الارتقاء والتخاطر، والقدرة على الاختفاء أو تحمل الألم. وإنما ما يصفه يشبه الممارسة التي أشار إليها باتانجالي في كتابه «يوجا سوترا» باسم «راجا يوجا»؛ أي اليوجا الملكية أو العليا، وهي يوجا تأملية تكمن أهم إنجازاتها في «سامادهي»؛ أي التركيز العميق الذي يؤدي إلى تحرر الذات.
وفي «بهاجافاد جيتا»، يطرح كريشنا فكرتين مبتكرتين؛ الأولى: هي «كارما يوجا» التي تمنح الباحثين العاديين إمكانية إضفاء معنى روحاني على أفعالهم اليومية؛ والثانية: هي مفهوم أنه لا يوجد سبيل واحد للتحرر، وإنما عدة سبل؛ بحيث يجد الباحثون أكثر السبل الملائمة لحالاتهم المزاجية وأوضاعهم. ولم ينس كريشنا من همشتهم الديانة البرهمية. فتم الاعتراف بالنساء وذوي الأصول الدنيا بوصفهم باحثين، ودعوتهم لتقديم أنفسهم وأعمالهم وهدايا بسيطة مثل الماء أو زهرة أو ورقة شجر أو ثمرة إلى كريشنا.
صفحه نامشخص