هند پس از گاندی
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
ژانرها
14
فقد كان وضع السيخ الفريد (والمأساوي) هو أفضل تفسير لتسارع وتيرة العنف الديني وتركزه عند بلوغه البنجاب أخيرا؛ فمن شهر مارس حتى شهر أغسطس، كان كل شهر أشد حرا ودموية من سابقه؛ فقد كان من سخرية القدر أن ألقت الطبيعة بثقلها على السياسة والتاريخ، إذ تأخرت الأمطار الموسمية إلى حد مفرط عام 1947. ومثل الأمطار، تأخر صدور حكم التقسيم بدوره؛ مما فاقم مناخ الشك المخيم على الأجواء.
عهد بمهمة تقسيم البنغال والبنجاب إلى قاض بريطاني يدعى السير سيريل رادكليف. لم يكن لديه معرفة سابقة بالهند، وهو ما اعتبر ميزة، إلا أنه أمهل خمسة أسابيع فحسب لكي يتخذ قراره بشأن الخطوط التي سيرسمها في الشرق وفي الغرب على حد سواء؛ إذ كانت مهمة فائقة الصعوبة دون مبالغة. كان عليه - حسبما قال دبليو إتش أودن - أن يقسم أرضا «بين طائفتين متعصبتين في اختلافهما؛ كل منهما لها مأكلها وآلهتها الخاصة بها»، بينما كانت «الخرائط المتاحة له ... غير محدثة»، و«يكاد يكون من المؤكد أن قوائم التعداد غير صحيحة».
15
وصل رادكليف إلى الهند في الأسبوع الأول من يوليو، وعين له أربعة مستشارين للبنجاب: مسلمان وهندوسي وسيخي. لكنهم إذ تنازعوا على كل أمر، فسرعان ما استغنى عنهم جميعا، إلا أنه كتب إلى ابن أخيه أنه يعلم أن «لا أحد في الهند سيحبني لحكمي بشأن البنجاب والبنغال، وسيكون ثمة قرابة 80 مليون شخص محملين بالضغائن في إثري، ولا أريدهم أن يعثروا علي».
16
في أول أغسطس أنشئت قوة حدود بنجابية للسيطرة على العنف. تزعم تلك القوة اللواء تي دابليو (بيت) ريس؛ وهو رجل ويلزي من أبيرجافيني. وعمل تحت إمرته أربعة مستشارين برتبة عميد: مسلمان وهندوسي وسيخي. تنبأ ريس في أول تقرير كتبه أن حكم الحدود «لن يرضي أحدا تمام الرضا، بل إنه قد يثير سخط السيخ».
17
قيل هذا يوم 7 أغسطس، ويوم 14 ذكر المشير السير كلود أوكينلك؛ القائد الأعلى للجيش الهندي البريطاني أن:
التأخير في إعلان حكم لجنة الحدود يخلف آثارا مزعجة وضارة إلى أقصى حد. ندرك طبعا أن الإعلان قد يذكي نار الفتنة، ولكن في غيابه تشيع أكثر الشائعات جموحا على ألسن مثيري الشغب الذين يوجد الكثير منهم.
صفحه نامشخص