هرب حسين باشا ومن معه من الوزراء والعساكر الكثيرة، وقد شاع أنها مائة وخمسون ألفًا، وترك جميع مهماته ومدافعه وذخائره، ثم سار إبراهيم باشا بعد ذلك إلى أدنه وقد دخلها من غير قتال في غرة ربيع الثاني وأقام بها شهرًا، ثم حاصر بركله ومن فيها من العساكر السلطانية ودخلها في غرة جمادى الأولى بعد قتال رشيد باشا، وفي آخر جمادى الثانية قدم إلى دمشق رشيد بك أميرًا عليها من قبل محمد علي باشا، وفوض إليه النظر في أمر بلاد الساحل والقدس وغزة والشام وحلب، ثم جاء الخبر في خامس رجب أن إبراهيم باشا دخل إلى قونية وكان فيها أربعة عشر وزيرًا، فلما سمعوا بوصوله هربوا ودخلها بلا حرب ولا قتال، وجاء الأمر إلى دمشق بالزينة وضرب المدافع ثلاثة أيام في كل يوم ستين مدفعًان ثم جاء الخبر في آخر شعبان أن الوزير الأعظم جاء إلى قريب من قونية، فخرج إليه إبراهيم باشا وأسره وفرق جمعه وأسر من عساكره نحو سبعة آلاف، وأرسل إلى مركز سورية دمشق الشام بعمل الزينة ثلاثة أيام ليلًا ونهارًا مع ضرب المدافع وإظهار دواعي السرور والحبور، وقد نظم أمين أفندي الجندي الشاعر هذه القصيدة مادحًا إبراهيم باشا ومتعرضًا بها لهذه الوقائع التي تقدم ذكرها، وكان بنظمها كما قيل: مكره أخاك لا بطل.
نحن الأسود الكاسره ... نحن السيوف الباتره
من أرض مصر القاهره ... سرنا وقد نلنا المنا
بارودنا شراره ... تشوي الوجوه ناره
وعزمنا بتاره ... من العدا أمكننا
نحن بنو الحرب فلا ... نخشى غبارًا إن علا
ولم نضق عند البلا ... صدرًا إذا الموت دنا
بالروح جدنا كي نقيل ... لمصرنا الفخر الجميل
ونبتغي الفضل الجزيل ... فعلًا يعز الوطنا
1 / 21