حکمت غرب
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
ژانرها
Thucydidas
الذي سجل فيما بعد وقائع الحرب الكبرى بين أثينا وإسبرطة، فقد أصبح أول مؤرخ علمي. ويمكن القول إن أثينا بلغت قمة عظمتها سياسيا وثقافيا في تلك السنوات الواقعة بين الحرب الفارسية وحرب «البلوبنيز»،
1
أما الرجل الذي يحمل هذا العهد اسمه فهو بريكليز
. كان بريكليز أرستقراطيا بحكم مولده، وكانت أمه تمت بصلة القربى إلى المصلح كليسثنس
Cleisthenes
الذي بدأ مهمة صبغ الدستور الأثيني بصبغة أكثر ديمقراطية، وكان من بين معلمي بريكليز ، الفيلسوف أناكساجوراس، الذي تعلم منه الفتى الكريم الأصل نظرية آلية عن الكون. وهكذا نشأ بريكليز متحررا من الخرافات الشعبية السائدة في عصره، وكانت شخصيته تتسم بالانضباط والاعتدال، وكان على وجه الإجمال يترفع عن الناس العاديين، ومع ذلك فقد كان هو الذي رعى الديمقراطية الأثينية حتى بلغت أوج نضوجها، فقد واصل عملية انتزاع السلطة من مجلس الأعيان
Areopagus . وأحال جميع وظائفه باستثناء محاكمة جرائم القتل، إلى مجلس الخمسمائة، وإلى المجلس التشريعي والمحاكم. وأصبح أعضاء هذه المجالس جميعا موظفين يتقاضون مرتبات من الدولة، وينتخبون بالاقتراع البسيط، وأدخل نظاما جديدا للخدمات الاجتماعية كان من نتيجته أن طرأ بعض التغيير على المفهوم التقليدي القديم للفضائل.
ولكن بريكليز كان من ذلك المعدن الذي يصنع القادة؛ ففي عام 443ق.م. أبعد منافسه ثوكوديدس، القائد العسكري، وبعد ذلك أصبح بريكليز يعاد انتخابه عاما بعد عام، بوصفه واحدا من القادة، ونظرا إلى شعبيته وقدرته الخطابية وبراعته السياسية، فقد فاق زملاءه، وأصبح يحكم وكأنه حاكم فرد. وقد كتب ثوكوديدس المؤرخ فيما بعد عن أثينا في عهد بريكليز. فقال إنها كانت ديمقراطية بالاسم، أما بالفعل فكانت تخضع لحكم المواطن الأول، ولم يبدأ الحزب الديمقراطي في المطالبة بمزيد من السلطة إلا خلال الأعوام التي سبقت الحرب البلوبنيزية مباشرة. وفي ذلك الوقت كان المجتمع الأثيني قد بدأ يعاني من الآثار السيئة للقانون الذي كان يقصر المواطنة على الأثينيين المولودين لأبوين أثينيين، والذي يرجع إلى عام 441ق.م، كما بدأ يعاني من سوء الأوضاع المالية نتيجة لبرامج التشييد الباذخة، وقد دامت الحرب التي نجمت عن رغبة إسبرطة في منافسة الإمبريالية الأثينية من عام 431 حتى عام 404ق.م..
وانتهت بهزيمة كاملة لأثينا، أما بريكليز نفسه فقد مات في الجزء الأول من هذه الحرب، عام 429؛ نتيجة للوباء الذي اجتاح المدينة في العام السابق، ولكن أثينا بوصفها مركزا ثقافيا قد عاشت عمرا يتجاوز بكثير عهد انهيارها السياسي. وما زالت هذه المدينة حتى يومنا هذا ترمز لكل ما هو عظيم وجميل في نتاج الإنسان.
صفحه نامشخص