حکمت غرب
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
ژانرها
والبابا ستيفن الثالث، اللذان تفاهما معا، فطلب المستشار الأكبر من البابا أن يعترف رسميا به ملكا، وهكذا حل محل أسرة الميروفنجيين. وفي مقابل ذلك أعطى بيبان البابا مدينة رافينا
Rovenna
التي كان اللومبارد قد استولوا عليها عام 751م، مع بعض الأقاليم الأخرى الواقعة تحت سيطرته، وكان ذلك هو العامل الذي قصم ظهر بيزنطة نهائيا.
وفي غياب سلطة سياسية مركزية، أصبح لدى البابوية من القوة أكثر مما كان للكنيسة الشرقية في أي وقت في ميدانها الخاص. وبالطبع فإن الاستيلاء على رافينا لم يكن صفقة قانونية بأي معنى؛ ولذلك فقد عمد بعض القساوسة لكي يضفوا مسحة من الشرعية على هذه العملية إلى تزوير وثيقة أصبحت تعرف باسم «منحة قسطنطين»، يفترض أنها مرسوم من قسطنطين منح بموجبه إلى الحبر الأعظم جميع الأقاليم التي كانت تنتمي إلى روما الغربية. وعلى هذا النحو استقرت السلطة الزمنية للباباوات، وظلت قائمة طوال العصور الوسطى. ولم يتم كشف التزوير إلا في القرن الخامس عشر.
ولقد حاول اللومبارديون مقاومة تدخل الفرنجة، لكن شرلمان، ابن بيبان، تمكن في النهاية من عبور جبال الألب في عام 774م، وأوقع بالجيوش اللومباردية هزيمة حاسمة، فاتخذ لنفسه لقب ملك اللومبارد، وسار نحو روما، حيث أكد المنحة التي قدمها أبوه في عام 754م. وكانت البابوية ميالة إليه، كما أنه من جانبه قد بذل جهدا كبيرا من أجل نشر المسيحية في إقليم سكسونيا، وإن كان أسلوبه في تنصير الوثنيين قد اعتمد على قوة السيف أكثر مما اعتمد على الإقناع.
وعلى الحدود الشرقية غزا شرلمان الجزء الأكبر من ألمانيا، أما في الجنوب فإن محاولاته طرد العرب من أسبانيا كانت أقل نجاحا. وأدت هزيمة قواته في عام 778م إلى ظهور أقاصيص رولان
Roland
المشهورة.
غير أن شرلمان كان يستهدف ما هو أكثر من تأمين حدوده. فقد نظر إلى نفسه على أنه الوريث الحقيقي للإمبراطورية الغربية.
وهكذا فإن بابا روما توجه إمبراطورا في يوم عيد الميلاد من عام 800م، وكان هذا اليوم هو بداية الإمبراطورية الرومانية المقدسة للأمة الجرمانية، وكان تتويج إمبراطور غربي جديد يعني اكتمال الانفصال عن بيزنطة، وهو الانفصال الذي كانت منحة بيبان سببا واقعيا له. وكانت الحجة التي تذرع بها شرلمان للقيام بهذه الخطوة واهية؛ فقد كانت الإمبراطورة إيرين
صفحه نامشخص