فواصلت انتقاماتها بأن راحت تسرق زوجات الآخرين من ذويهم، وهكذا تمثلت في اللاميا التي تغوي
6
الرجال النائمين، وتمتص دماءهم وتلتهم لحمهم، مثلما تفعل الليليث وتابعاتها من العفاريت.
ووجد في الرسوم الحائطية (رليف) الهلينية اللاميا تفترس أحد المسافرين وهو مضطجع على ظهره، وربما كان في هذا تشخيص للحضارات التي فيها تعامل المرأة كأثاث أو كممتلك للرجل «وشروات ماله» كما هو الحال بالنسبة للعرب الساميين؛ حيث يرد المئات من الأمثال والمأثورات التي تحط من قدر المرأة.
فخلق الله لحواء من ضلع الرجل أسطورة مستقرة منتشرة تكشف عن سيادة الرجل الذكر، منكرة قدسية حواء، منقصة من موازاتها للرجل على طول البحر الأبيض أو أساطير الشرق الأوسط (المبكرة)، وربما كانت القصة مأخوذة من رسوم أناثا، متوازنة في الهواء، لامسة عشيقها الإله «موت» وهو يقتل عمدا توءمه «إليان»، بينما الإله موت يحفر كهفا تحت ضلع إليان الخامس دون أن يحرك الضلع السادس.
وترجع هذه الأسطورة المصورة إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ولعلها ما تزال محفوظة في المقولات الشعبية: «اكسر للبنت ضلع ...» •••
أخيرا نجد أنه في حالة العودة إلى نقطة انطلاقنا حول المنابع الأولى لفولكلورنا وأساطيرنا العربية بعامة، وحكاياتها الخرافية بخاصة، نجد الآتي: (1)
أن العلوم الطبيعية لم تحرز تقدمها المحقق إلا بعد جهود محققة في مجال التصنيف المنهجي للأشياء وعناصرها، ونفس الشيء يجري سريانه بالنسبة لتراثنا ومأثوراتنا وحكاياتنا الخرافية هذه، سواء فيما يختص بالتركة الحفرية الأركيولوجية للحضارات المكونة والمتعاقبة على شرقنا الأدنى القديم منذ السومريين وورثتهم العرب البابليين، أو ما يخص الجانب الشفهي والمدون والمتواتر المعاش اليوم والآن، والذي ما يزال إلى أيامنا ضنينا جنينا يواصل تواتره وكذا ممارسته. (2)
في حالة ربط عجلة هذا التراث بالتربية أو أنماط تربية الأطفال وتنشئتهم، يمكن القول بأن تجبر هذا التراث المحاط بكل شعائر التحريم والتابو والأنيمزم، والمسميات السلفية للتراث الخالد بما يستلزمه من حفظ وتجويد، وبما يحفظ ويجبر كل جيل على الخضوع للجيل السابق له، في حين يسيطر على الجيل الذي يليه، كما أشارت مارجريت ميد. (3)
تجميع محاولات التصدي لإقامة علم حقيقي يمكن إشهاره كسلاح عقلي في مواجهة الخرافة وانسلاب العقل العربي، دون يأس وحسرة من وعورة مواصلة التقدم واقتحام المحرمات والتحديات التي تفرضها الطبقات السلطوية صاحبة المصلحة العليا في الإبقاء على الخرافات كمنزلات، بدلا من كونها حفائر حجرية.
صفحه نامشخص