فاستنادا إلى ميكانيزم الوراثة الاجتماعية للتراث، وكيف أنه أكثر سرعة بالنسبة لنظيره البيولوجي، يمكن القول بأن التراث الدعائي والإعلامي للوضع الطبقي داخل مجتمع ما - خاصة مصر - واصل توارثه في تقديس ذلك السلف وريث الطوطم أو الإله - وهو الفرعون أو الزعيم - إلى حد إضفاء صفة القدسية على ملوك مصر القريبين،
18
وكيف أنهم منسبون وهكذا.
كما أن هذا التوارث التراثي واصل سريانه وتوالده الذاتي في اتجاه إضفاء صفة القداسة والطهر على ملوك وأمراء الحكايات المصرية، فهم في كل حالاتهم ملوك وأمراء بسطاء طيبون منزهون «مكشوف عنهم الحجاب»، يجوسون الأسواق متنكرين في ثياب مهلهلة حفاة، يتسمعون شكاة المحتاجين، ويحققون رغبات الفقراء، ويطرحون ألغازهم السحرية.
كما قد يكونون أمراء وأبناء ملوك طيبين اختطفوا منذ المهد من جانب قوى الجن، أو لعنات القدر الباطش، أو خدمهم ووزرائهم الشريرين الخونة، تعلوهم في كل الأحوال هالات الاضطهاد والقهر، إلى أن ينتصر الخير لهم، فيعودون ملوكا وأمراء كما كانوا.
وهناك ملمح آخر يتكرر بكثرة في الحكايات المصرية، فعادة ما تزور الهواتف الملوك والأمراء في المنام ليخبروهم بسنوات الفقر والذل وزوال الملك عنهم، كما في خرافة «نعناعة»، حين زار الهاتف الملك في المنام وهمس له: قوم اسعى يا ملك، انت حاتتفقر سبع سنين.
وفي خرافة «قطع ذراع الكاتب» نجد الملك الأسد في نماذج الحكايات المصرية والسورية والسودانية والعراقية باسمه وشخصه، فهو حاكم طوباوي، ألغى البيع والشراء في مملكته أو مدينته الفاضلة، مثله مثل الملك معروف في سيرته المصرية حين زاره الهاتف في المنام، وأخبره بزوال ملكه، فبينما عمل ملك الأسد في النصوص المصرية والسودانية والسورية «حمارا وفطاطريا تأكيدا لمقولة»: إذا أقبلت
19
بأرض الحمام على الوتد، وإذا أدبرت شخ الحمار على الملك «الأسد».
لجأ الملك معروف إلى صبغ نفسه بالنيلة الزرقاء «بلون جلد الخدامين» والعبيد.
صفحه نامشخص