وعلى هذا فالمزيد من الحيادية في جمع ودراسة التراث هو ما سيوقعنا على الجوانب المظلمة البهيمية العاجزة في فولكلورنا، وأخصه الحكايات الخرافية الحيوانية الطوطمية.
كما أن مثل هذه الحيادية ستوقفنا على التركيبات الاجتماعية، وخنق ووأد الأطفال حديثي الولادة، أو فاتحي الرحم، ناهيك عن الموقف من المرأة ووأدها بشكل جماعي في المجتمعات الصحراوية، ليس من منطلق العفة والشرف وتابوات المرأة، بقدر ما هو الجوع والضنك ورعب الفاقة؛ بما يدفع إلى ديانة وأدهن كشكل من أشكال تحديد النسل الجماعي البدائي.
وبالطبع تعكس الحكايات السورية والفينيقية اللبنانية، بشكل عام، مدى قتل الأطفال وإلى جوارهم أواني الطعام والشراب، والتضحية بهم ودفنهم أحياء في مقابر جماعية، وهو ما كشفت عنه الحفائر والمباني والمنشآت العامة، ولها تنويعاتها في خرافات مصر.
بل هي ما لا تزال متداولة إلى حد أنها تسربت إلى قصص يوسف إدريس عن تدشين أساس المباني بدم الأطفال الذبيحة، خاصة في حالات التعامل مع الآليات الحديدية بما يحيل مثل هذه الحكايات - الشعائرية - الخرافية إلى فولكلور الحديد والمعادن والمنشآت.
كذلك يضاف للحكايات الطوطمية - ويشكل جانبا كبيرا منها - حكايات الأشجار أو ما يعرف في الفولكلور الأوروبي بفولكلور الأخشاب، واستطاع الشاعر الإنجليزي روبرت جريفز رصد وحل أبجدية
12
الأشجار وأخشابها.
المناهج التي تعاقبت على دراسة الحكاية
فإذا كنا نتعرض للمناهج الكثيرة المتشعبة التي تعاقبت على دراسة الحكاية الشعبية ذات الميل الخرافي، منذ أن ارتاد يعقوب جريم هذا الحقل في كتابه: «الميثولوجيا الألمانية»، ومن خلفوه: لين مانهاردت وماير وموللر، لحين اكتمال المدرسة الأنثروبولوجية - الإنجليزية - بريادة أرثر تيلور وتلميذه أندرو لانج مع مطلع قرننا الحالي من جانب، ومن الجانب المقابل المدرسة الهندوآرية أو الشرقية التي ارتادها المستشرق الألماني تيودور بنفي، الذي أولى اهتمامه للمعرفة بأصول ومنابع التراث الأوروبي وقنوات هجراته، إلى أن وصل بها إلى الوحدة اللغوية أو الإثنوجرافية الهندوأوروبية، وهي العناصر المعروفة بالآرية في البنجاب وكشمير وراجبوتانا، والتي خلفت تراثها المعروف بالفيدا - أي المعرفة - وأقامت دولة بهاراتيا نسبة إلى ملحمتهم الشهيرة المابهاراتيا،
13
صفحه نامشخص