فالتداخلات والتغيرات بين الأسطورة والحكاية الشعبية أو الحكايات الشعائرية دائم الاستمرار، وبعض الحكايات الشعبية - كما لاحظ الأخوان جريم
4 - ما هي إلا أساطير ممزقة، أو «بقايا أساطير»، وكثير من الأساطير انتفعت بموتيفاتها الحكايات الشعبية الشائعة ورفعتها إلى عوالمها الفوقية في تأليهها للوقائع البشرية.
ويرى «سير ج. ل. جوم» أنه «عندما أصبح الشطار والمكارون بشريين - بدلا من كونهم في أصل مقدسين - وعندما أصبح البطل إنسانا - بدلا من كونه إلها - أصبحت الأسطورة أحدوثة».
لذا فإن المطابقة بين الجزئيتين الموتيفين - رغم الفاصل الزمني بينهما - يحيلنا إلى خصيصة شبهة موحدة تتسم بها كل الآلهة الشمسيين، أولئك الذين تطاردهم نساء أو إلهات ليتعرفن أسرارهم، وبعد ذلك يفتكن بهم، مثل: «إناث» في الأساطير السومرية
5
اللاسامية ومطاردتها للإله البطل «إنليل» أو «ليل»، وهي الأساطير التي توارثها بعد ذلك الساميون، ومنها أسطورة الإلهة البغي «عشتروت» التي كانت تحيل عشاقها عقب مضاجعتهم إلى حيوانات، والتي خدعت البطل الأسطوري جلجاميش في ملحمته الشهيرة، وخداع دليلة لشمشون لمعرفة سر قوته، وكانت النتيجة أن استجاب لإلحاحها المتكرر عندما «تاقت نفسه إلى الموت» كما يقول النص المدون في سفر قضاة، فأصبح ألعوبة في يدها على الرغم من تعارض تصرفه هذا مع المسار الاجتماعي القبلي الذي أباح لدليلة انتزاعه لقبيلتها الفلسطينية بما يتعارض قبائليا، حيث العادة أن تنتقل الزوجة إلى قبيلة الرجل ولو بزواج المضاجعة، وليس العكس.
واسم شمشون معناه ابن إله، و«دان» هو اسم قبيلته «اشتقاق من إله الشمس الآشوري شماش».
وإذا ما عدنا إلى حكايتنا الشفاهية لوجدنا أن قتل الشاطر محمد للأسد بضربة واحدة من سيفه، وطبخ لحمه - وربما أكله كما بدا في حديثه مع جاسوس الملك - ثم مطاردة ابنة الملك له لمعرفة السر، أمكن لنا في النهاية مطابقة هذه الأفعال مع كل من الإلهين الشمسيين: شمشون وهرقل، فكلاهما قتل الأسد، وكلاهما طاردته امرأة لمعرفة سره: دليلة مع شمشون، و«ديانييرا» نحو هرقل في الأسطورة الكلاسيكية وكل متنوعاتها ومشتقاتها في الغرب.
ويلاحظ أن هذه الحكاية النمطية شغلت عديدا من الدارسين؛ نظرا لأنها هي ذاتها الحكاية التي أصبحت فيما بعد قصة دونت في القرون الوسطى باسم علي الزيبق،
6
صفحه نامشخص