وعندما عرف منها الملك أنها ما تزال بنت بنوت صغيرة، حينئذ سألها كيف عرفت، فحدثته عن آلام ولادة أمها ومعاناتها، فعرفت أن الدافع لهذا العذاب لا بد وأن يكون هو لذة اللذة.
وتصل هذه الجزئية - اللغز - إلى أقصى انفتاحها في المصادر الهندية، فيذكر «بنفي» حكاية هندية، صادفها في الملحمة الهندية الشهيرة الماهابهارتا، عن ملك يتحول إلى امرأة حين ينزل ليستحم في نهر محدد - تابو - وهنا يتخلى عن عرشه عبر رحلة عبورية في غابة موحشة، وهناك يلد - بعد أن أصبح امرأة - أولادا جددا.
وحين يزوره الإله إندرا ليطرح عليه لغزه أو سؤاله عن «لذة اللذة»، وأي الوضعين يفضل: أن يتحول مرتدا إلى رجل، أم يظل امرأة؟ يجيب الملك المرأة بأنه يفضل أن يظل امرأة؛ «لأن المرأة أكثر استمتاعا بالحب - الجنس - من الرجل».
كذلك فكثيرا ما اعترت مثل هذه التحولات النوعية الجنسية الحكايات الهومرية الإغريقية، مثل الكاهن المتنبئ الخرافي تريزياس وهيرا حول هذا اللغز: «أيهما يجني لذة أكبر من الاتصال الجنسي: أهو الرجل أم المرأة؟» بل إن تريزياس نفسه - ذلك الكاهن الواقف على الدوام في صف التسلط - كثيرا ما تحول إلى امرأة، ونفس الشيء يجري حدوثه للآلهة في الكلاسيكيات الهندية.
وعادة ما تكشف حكايات الألغاز والحزور - أو التابوات - عن أصولها الطوطمية، بل هي قد تؤكد مأثورا أو حكمة شعبية عالية القيمة، وعلى درجة ملحوظة من حيث الذكاء والتبصر، سواء من جانب إنسان أو طائر أو حبيبة وزوجة وهكذا، في مواجهة قوى تسلطية لملوك وفراعنة ونماردة وأعوان، وملاك كبار شبعانين متسلطين.
من ذلك توقف الملك المتنكر على نجع عربي - أو بير - تقف عليه فتاة جميلة تملأ جرارها، وهي كما هو معروف خرافة دائمة التردد في الفولكلور السامي، سواء التاريخي أو المعاش، مثل لقاء يعقوب - إسرائيل - مع ابنتي خاله لابان بن ناحور الحوراني: ليئة وراحيل، وتكررت مع إسماعيل - أبو العرب العدنانيين القيسيين في الشمال - مع
12
زوجته الثانية. وكذا موسى مع ابنة شعيب في مدين أو سيناء.
فما إن يواجه ملك مثل هذه الخرافة، البنت - العربية أو البدوية - الجميلة، حتى يبادرها من فوره طارحا تساؤله هذا الطبقي الفلسفي: ليه يا بير عاليك مش زي واطيك، وواطيك مش زي عاليك؟
قالت البنت: «عاليها مش زي واطيها ... قلة بعل
صفحه نامشخص