وجمع أصحابه، ومضى على رأسهم نحو المقهى بعد أن فرش طريقه بالدعاية المناسبة، وكانت الحارة في حاجة ملحة إلى فتوة لتحفظ ذاتها وكرامتها بين الحواري المتصارعة، فاستقبلت عباس الجحش وصحابه بزفة وبايعته فتوة لها، وتحول الصعاليك إلى عصابة، وانهالت عليهم الإتاوات، فتحسنت أحوالهم، وازدهتهم الخيلاء، فخطروا في الأرض كالجمال، ورويدا رويدا صدقوا أوهامهم.
وطلب عباس الجحش يد عنباية المتولي فقال له أبوها بوجه طافح بالبشر: بشرى لنا يا معلم!
وعقد القران.
أما الدخلة فلا تتم إلا بعد الزفة.
وتنبه عباس متأخرا إلى أن زفة الفتوة يجب أن تطوف بالحي كله، وأنها الاختبار الرهيب للفتوة، تجابهه فيها تحديات الأعداء، فيرجع منها إلى شهر العسل وعرش الفتونة أو يمضي إلى القرافة.
لا بد مما ليس منه بد، وماذا يمنع الحظ من أن يخدمه مرة أخرى؟
وسكر وسكر أصحابه.
ومضت الزفة على أنغام المزامير وأضواء المشاعل، وسار فيها رجال الحارة.
وعند باب زويلة.
عند باب زويلة اعترض الطريق فتوة العطوف ورجاله.
صفحه نامشخص