أم عبده أشهر امرأة في حارتنا.
في قوة بغل، وجرأة فتوة، حتى زوجها سواق الكارو يتراجع أمام عنفها.
ولها بنتان جميلتان، دولت وإحسان.
في أي موقع من حارتنا تحظى بالتودد، من التاجر والعامل والبائع والصعلوك، كل أسرة لها عمل وأجر، هي الوسيطة والشفيعة والخاطبة والدلالة والماشطة، وعند الخصومة فهي القوة التي تبطش بالخصم.
وتزور أمي أحيانا فتحكي لها عن أحوالها، وقد يقتضي الأمر تمثيل ما وقع في آخر مشاجرة شاركت فيها، فيرتفع صوتها ويتهدج بالغضب والسب والقذف، حتى يتوهم السامع أن التمثيل مشاجرة حقيقة!
وهي تجاملنا في المواسم، فتجيئنا بالكارو لتمضي بنا إلى زيارة المغاوري وأبي السعود طبيب الجراح.
وأنا الرسول الذي يوفد إلى بيتها عند الحاجة، أذهب إليه بقلب طروب يتوق إلى رؤية الحمار المربوط إلى وتد في الفناء، ويتوق للقرب من دولت وإحسان.
دولت فتاة طيبة، تفك الخط، وتحفظ بعض سور القرآن، يحبها شاب متعلم من حارتنا فيتزوج منها متخطيا الفوارق ومجازفا بمصاهرة أم عبده.
إحسان صورة مصغرة من أمها في أخلاقها، ولكنها باهرة الجمال، مطبوعة على العنف والجرأة والبذاءة، تتحدى أمها نفسها، فتنشب بينهما المعارك المثيرة، ويطلب يدها فتيان كادحون، ولكنها ترفضهم تطلعا لفرصة فريدة كما حدث لأختها دولت، وإني صديقها رغم فارق السن، غرائزي الكامنة ترسل إنذارات خفية تمتزج في عيني بأشواق مبهمة، يبهرني حجمها المترامي، وأعضاؤها الثرية المتراقصة، وتدعوني أحيانا لأساعدها وهي تغسل في الفناء، أحمل إليها صفيحة الماء من عارضتها الخشبية، وأمضي كالمترنح من ثقلها، أجلس قبالتها لأتسلم منها الملابس بعد عصرها لأكومها في الطشت، في أثناء ذلك تتلصص عيناي، وهي ترامق تطلعاتي باسمة.
وتقول لي ذات مرة: خذ منديلي واذهب به إلى الشيخ لبيب.
صفحه نامشخص