ولم ير عباس بعد ذلك في حينا كله، وظل قرانه معقودا حتى سقط بمضي المدة.
الحكاية رقم «54»
الويل لنا عندما يشتد النزاع بين الحارات، عندما تتصارع التحديات بين الفتوات.
نتوقع في الليل أن تجتاحنا هجمة غادرة، نتعرض في تجوالنا في الحي لتحرشات مباغتة، تنقلب أفراحنا إلى معارك دامية، يسود وجه الحياة ويكفهر.
ويغدو الانطلاق إلى الميدان محفوفا بالمخاطر، أما التسلل عن طريق القرافة فيتهدده الشياطين وقطاع الطرق، فننحصر في حارتنا كالفئران في المصيدة.
ذاك ما رواه الرواة عن فترة من حياة حارتنا الماضية. •••
ويقترح بعض أهل الحكمة هدم جزء من السور الشرقي، يقولون: لا بأس من هدمه لنتسلل منه إلى صحراء الجبل، ومنها إلى أطراف الأحياء البعيدة التي نتعامل معها ونحن في مأمن من الأخطار المحدقة بنا.
والسور العتيق يكون الجناح الشرقي للحارة، ويقع على مبعدة يسيرة من سفح المقطم، وتطيب الفكرة لنا فنعهد إلى أحد المقاولين من أبناء حارتنا بتنفيذ الفكرة، ويتساءل أناس: ألا يمكن أن يهتدي العدو إليها فيباغتنا منها؟
فيجيب أصحاب الفكرة: الوصول إليها عسير، فبينها وبين العمران صحراء لا تدوسها قدم، فضلا عن أنه من اليسير حراستها!
ويشرع العاملون في العمل، ويتهيأ لنا ممر إلى الصحراء نطلق عليه «ممر السبيل»، حيث إنه يبدأ من نقطة تقع وراء السبيل الأثري مباشرة، هكذا نخلق ممرا سريا للعالم الخارجي متجنبين طريقي الميدان والقرافة اللذين يحدان حارتنا من طرفيها.
صفحه نامشخص