حکایات آندرسن: مجموعه اول
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
ژانرها
قالت جيردا: «أشعر كأن ثمة شخصا وراءنا»؛ إذ مر بها مسرعا شيء ما مثل ظل على الجدار؛ ثم تراءت لها خيول ذات شعور مسترسلة وقوائم رفيعة، وصيادون، وسيدات وسادة على صهوات خيل، تمرق سريعا مثل الأشباح.
قالت وليفة الغراب: «ما هي إلا أحلام؛ فهي تأتي لتحمل أفكار الأشخاص العظام بعيدا. وهذا أفضل، فما دامت أفكارهم قد خرجت هكذا، فسيتسنى لنا أن نراها وهم في الفراش بأمان أكثر. أتمنى أن يكون قلبك ممتنا لنا حين تصعدين إلى مراتب الشرف والحظوة.»
قال لها غراب الغابة: «لك أن تتأكدي من ذلك تماما.»
ثم دخلوا القاعة الأولى، التي كانت جدرانها مزينة بستائر حرير وردية اللون مطرزة بزهور صناعية. وهنا مرقت بجانبهم الأحلام مجددا، لكن سريعا جدا حتى إن جيردا لم تستطع أن تتبين الشخصيات العظيمة. وبدت كل قاعة أروع من التي سبقتها، وهو ما كان جديرا أن يصيب أي شخص بذهول. وبعد برهة بلغوا حجرة نوم. كان سقفها مثل قمة نخلة ضخمة، ذات أوراق زجاجية من أغلى أنواع البلور، وفي منتصف الحجرة علق سريران، يشبه كل منهما الزنبقة، على عمودين من ذهب. كان أحدهما أبيض، وكانت الأميرة تضطجع فيه، والآخر أحمر، وهو الذي كان على جيردا أن تبحث فيه عن كاي الصغير.
أزاحت إحدى الأوراق الحمراء فرأت ظهر رقبة بنية صغيرة. أوه، لا بد أنه كاي! نادت اسمه بصوت عال وحملت المصباح فوقه، فعادت الأحلام مندفعة في الغرفة على صهوة حصان. وحين استيقظ وأدار رأسه، وجدت أنه ليس كاي الصغير! كان الأمير يشبهه فحسب؛ لكنه كان شابا ووسيما. هنا أطلت الأميرة من فراشها الشبيه بالزنبقة البيضاء، وسألت ما الأمر. أجهشت جيردا الصغيرة بالبكاء وأخبرتها بالقصة، وكل ما فعله الغرابان ليساعداها.
قال الأمير والأميرة: «يا لك من طفلة مسكينة!» ثم أثنيا على الغرابين، وقالا إنهما ليسا غاضبين منهما لما فعلاه، وإنهما سيكافئانهما هذه المرة، لكن على ألا يكررا هذا ثانية.
ثم سألت الأميرة الغرابين: «هل تودان الحصول على حريتكما؟ أم تفضلان الترقية لمرتبة غربان البلاط، ليكون لكما حق الحصول على كل فوائض المطبخ؟»
انحنى الغرابان والتمسا أن يكون المنصب ثابتا؛ فقد تفكرا في كبر سنهما، وقالا إنه سيكون من المطمئن أن يشعرا أنهما قد تحسبا له.
ثم نزل الأمير عن فراشه وتركه لجيردا - وكان هذا أقصى ما يمكنه القيام به - فاستلقت فيه. ضمت جيردا يديها الصغيرتين معا وحدثت نفسها قائلة: «كم يحسن الجميع معاملتي، بشرا كانوا أم حيوانات!» ثم أغمضت عينيها وغطت في نوم هانئ. وجاءت إليها كل الأحلام مجددا، لكن في شكل ملائكة هذه المرة، يجر أحدها زلاجة صغيرة، كان يجلس عليها كاي الذي أخذ يومئ برأسه لها. لكن لم يكن كل هذا إلا حلما، إذ تبدد بمجرد أن استيقظت.
وفي اليوم التالي اكتست بالحرير والمخمل من رأسها لأخمص قدميها ودعيت لقضاء عدة أيام في القصر والترويح عن نفسها؛ لكنها لم تطلب سوى حذاء عالي الرقبة وعربة صغيرة وحصانا لجرها، حتى تتمكن من الخروج بحثا عن كاي في العالم الفسيح.
صفحه نامشخص