حکایات آندرسن: مجموعه اول
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
ژانرها
لا ينمو نبات الأرقطيون بمفرده قط؛ فأينما وجدت واحدا منه تأكد من نمو آخرين من نفس النوع قريبا جدا منه. كم يبدو هذا رائعا!
وكل هذه الروعة تعد غذاء للحلزونات؛ الحلزونات البيضاء الضخمة، التي اعتاد الأشخاص رفيعو المستوى في أزمنة غابرة أن يطهوها يخنة، ويقولون بعد تناولها: «أمم، كم هي شهية!» فقد كانوا حقا يرونها طيبة المذاق. كانت هذه الحلزونات تعيش على أوراق الأرقطيون، وكان الأرقطيون يزرع لذلك السبب.
ثم كانت هناك ضيعة قديمة حيث لم تعد الحلزونات تعتبر من الأطعمة الشهية. لذلك فقد انقرضت الحلزونات، في حين ظل الأرقطيون مزدهرا. إذ راح ينمو في كل الممرات وفي كل أحواض الزرع، حتى صار خارجا عن السيطرة؛ فأصبح المكان غابة مثالية من الأرقطيون.
لقد كنت تجد شجرة تفاح أو برقوق هنا وهناك كدليل على أنه كان ذات يوم ثمة حديقة في هذا المكان، الذي صار مغطى تماما بالأرقطيون، وتحت ظل الأرقطيون كان يعيش آخر اثنين من الحلزونات القديمة.
هما نفسهما لم يكونا يعرفان كم يبلغان من العمر، لكنهما كانا يتذكران جيدا الزمن الذي كان فيه الكثير جدا من نوعهما، وأنهما انحدرا من أسرة جاءت من أراض أجنبية، وأن هذه الغابة التي يعيشان فيها قد زرعت لهما ولنوعهما. ورغم أنهما لم يذهبا قط خارج حدود الحديقة، فقد كانا يعرفان أن ثمة شيئا خارج غابتهما، يسمى القلعة، وأن الحلزون كان يسلق هناك، ويصير أسود اللون، ثم يوضع على صحن فضي، إلا أنهما لم يسمعا قط بما كان يحدث بعد ذلك، ولا كان بإمكانهما أن يتخيلا على وجه الدقة كيف يكون إحساس من يطهى ويوضع على طبق فضي. لا شك أنه كان شيئا فاخرا وفي غاية الفخامة.
كذلك لم تكن خنفساء الجعل أو الضفدعة أو دودة الأرض اللواتي كانا يسألانهن عن هذا الأمر، يستطعن إعطاءهما أي معلومة؛ فلم تكن أي منهن من قبل قد طهيت وقدمت على صحون فضية.
لكن كان الكل يدرك جيدا أن الحلزونات البيضاء القديمة كانت هي السلالة الأرقى في العالم. ولقد أقيمت هذه الغابة من أجلها، وكذلك بنيت القلعة أو القصر خصيصى حتى تطهى وتؤكل فيها.
ونظرا إلى أنهما الآن كانا يعيشان حياة هادئة وسعيدة جدا لكن من دون أبناء، فقد تبنيا حلزونا عاديا صغيرا، وربياه كأنه ابنهما. إلا أن الحلزون الصغير لم يكبر؛ إذ لم يكن سوى حلزون عادي، إلا أن أمه بالتبني تظاهرت بأنها ترى فيه تطورا كبيرا. وقد ترجت الأب أن يتحسس صدفة الحلزون الصغير، لما كان غير قادر على ملاحظتها، وقد سرها وسره كثيرا أنه اكتشف أن زوجته كانت على حق.
وفي أحد الأيام هطلت الأمطار بغزارة شديدة، فقال الحلزون الأب: «أنصتي! أصغي إلى صوت القرع على أوراق الأرقطيون؛ تك تك دوم!»
قالت الحلزونة الأم: «ثمة قطرات تسيل على السيقان أيضا . بعد قليل سنجد المكان وقد صار مبتلا جدا. إنني سعيدة أن لدينا هذه المساكن الجيدة، نحن وهذا الصغير. إننا أفضل حالا كثيرا من أي مخلوقات أخرى. لا بد أنه من الواضح للجميع أننا كائنات راقية. فلدينا مساكن خاصة بنا منذ ولادتنا، وغابة الأرقطيون هذه مزروعة من أجلنا. أود فقط أن أعرف إلى أين تمتد، وما الذي يقع بعدها.»
صفحه نامشخص