حکایات آندرسن: مجموعه اول
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
ژانرها
إلا أن العود انطفأ حينذاك، ولم يتبق لديها سوى الجدار السميك الرطب.
أشعلت عودا آخر. وعندئذ رأت نفسها أسفل شجرة عيد ميلاد غاية في الجمال، أكبر حجما وأجمل تشذيبا بكثير من التي كانت قد رأتها من خلال الباب الزجاجي لمنزل التاجر الثري. إذ كانت مئات الشموع تحترق على فروعها الخضراء، وتنظر إليها أشكال زاهية، كالتي رأتها في نوافذ المتاجر. مدت الطفلة ذراعيها إليها؛ لكن انطفأ العود حينذاك.
ظلت أنوار شجرة عيد الميلاد ترتفع أعلى فأعلى، حتى رأتها الآن كنجوم في السماء، ثم سقطت واحدة منها، فخلفت شريطا طويلا من اللهب.
تمتمت الطفلة بصوت رقيق: «ثمة شخص يحتضر الآن.» فقد أخبرتها جدتها، وهي الشخص الوحيد الذي أحبها، وقد توفيت، أنه متى سقط نجم صعدت روح إلى الرب.
حكت الفتاة عودا آخر بالحائط، فأضاء الدنيا مرة أخرى؛ وفي الضوء لاحت أمامها جدتها العجوز الحبيبة، تشع نورا وبريقا، لكن تقطر عذوبة ورقة، وكانت سعيدة كما لم تبد قط في حياتها.
صاحت الطفلة: «جدتي، فلتأخذيني معك. أعلم أنك ستختفين حين ينطفئ العود. أنت أيضا ستختفين مثل الموقد الدافئ، ووليمة عيد الميلاد الرائعة، وشجرة عيد الميلاد الجميلة.» وحتى لا تختفي جدتها، حكت حزمة أعواد الثقاب بالكامل في الحائط.
اشتعلت أعواد الثقاب في لهيب شديد الوهج حتى صار الضوء أشد من ساعة الظهيرة. الجدة التي لم تبد بهذه الضخامة والجمال قط ضمت الفتاة بين ذراعيها، وطارتا معا، في فرح وعظمة، صاعدتين إلى آفاق أعلى وأعلى، بعيدا عن الأرض؛ حيث لا يوجد جوع أو برد أو هم؛ إذ صارتا مع الرب.
لكن في ساعة الفجر، كانت الفتاة المسكينة جالسة في الزاوية، مستندة إلى الحائط، بوجنتين متوردتين وثغر مبتسم، بعد أن تجمدت حتى الموت في الليلة الأخيرة من العام المنصرم. إذ قبعت في مكانها متيبسة وباردة، معها حزم أعواد الثقاب، التي احترقت منها حزمة واحدة.
قال الناس: «يا لها من صغيرة مسكينة أرادت أن تتدفأ!» لكن لم يتخيل أحد الرؤى الجميلة التي كانت قد شاهدتها، أو كيف رحلت في عظمة مع جدتها لتعيش أفراح العام الجديد.
الحبيبان
صفحه نامشخص