عندما يبدأ الإنسان في هذه الحياة بالتفكير لأول مرة تعرض له ثلاثة أسئلة، وهي: ما أنا؟ ومن أين أتيت؟ وإلى أين أذهب ؟ ومنذ تعرض هذه الأسئلة الثلاثة تشعر بقوة كامنة في نفوسنا تدفع بنا نحو الدين، فنعتقد بوجود إله؛ لأن كل ما حولنا يدل على ذلك، وهذا الدليل الحسي هو الذي دعا أصحاب العقول الكبيرة إلى الاعتقاد بوجود الله ومن هؤلاء بوسويه وفينولون وليبنتز.
إننا في حاجة إلى الاعتقاد بالله، وكثيرا ما نعتقد بدون تعقل؛ لأننا إذا مزجنا العقل بالعقيدة تسرب الشك إلى نفوسنا، فإذا وجد الريب إلى قلوبنا مدخلا تمنينا لو أننا عدنا إلى اعتقادنا الأول ولو كان مخالفا للعقل؛ لأننا نشعر بأن في الاعتقاد عزاء كبيرا لدى حدوث الملمات ووقوع الإنسان في المصائب والمحن، كما أن فيه رادعا قويا لدى نزغات النفس إلى الشر. إن الرجل الفاضل لا يرتاب في وجود الله؛ لأنه وإن كان عقله يأبى الاعتقاد فإن غريزته تأبى الجحود.
مونتولون، ص374، جزء 2
صعوبة الكفر
الكفر ليس بالأمر السهل الذي يستطيع ادعاءه لنفسه كل إنسان.
سلون، ص268، جزء 4
إثبات وجود الله
إن ديني بسيط جدا، فأنا أنظر إلى هذا الكون العظيم الباهر، فأقول لنفسي لا يمكن أن يكون ذلك الوجود العجيب نتيجة المصادفات، ولا بد أن يكون من فعل صانع عظيم بقطع النظر عن غاية الصانع، ولا بد أن يكون الصانع أعظم من الكون كما أن الكون أعظم من كل ما صنع البشر من العجائب والبدائع، ولا ريب عندي في أن هذه الحجة من القوة بمكان عظيم، بحيث لا يستطيع الفلاسفة نقضها ولا يستطيعون إيجاد حجة أقوى منها.
ولكن هذه الحجة موجزة للغاية، والعقل البشري يحتاج في مثل تلك المسألة إلى الإسهاب، ولا سيما أن الإنسان يشتاق إلى الوقوف على أسرار متعلقة بنفسه وبمستقبله مما لا يبوح الكون به، فالدين يبوح بأشياء كثيرة تهدئ روع الإنسان من هذه الوجهة في مواطن عديدة وينبغي للإنسان أن يحترم تلك الإباحة.
آبوت، ص178
صفحه نامشخص