حكم النبي محمد للفيلسوف تولستوي
عرب عبد الله السهروردي في الهند كتاب أحاديث النبي محمد واتخذ لكتابه عنوانا الآية القرآنية الآتية:
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .
والأحاديث المذكورة في هذه الرسالة اختارها من كتاب عبد الله السهروردي الفيلسوف تولستوي، وقال: إنها لا تخالف في شيء تعاليم الديانات الأخرى التي ترشد إلى الحق، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
من كان محمد؟
قال الفيلسوف تولستوي تحت هذا العنوان ما هو بالحرف الواحد:
إن محمدا هو مؤسس ورسول الديانة الإسلامية التي يدين بها في جميع جهات الكرة الأرضية مائتا مليون نفس.
ولد النبي محمد في بلاد العرب سنة 570 بعد ميلاد المسيح من أبوين فقيرين، وكان في حداثته راعيا، ومال منذ صباه إلى الانفراد في البراري والأمكنة الخالية؛ حيث كان يتأمل بالله وخدمته أن العرب المعاصرين له عبدوا أربابا كثيرة، وبالغوا في التقرب إليها واسترضائها، فأقاموا لها أنواع التعبد، وقدموا لها الضحايا المختلفة؛ ومنها الضحايا البشرية، ومع تقدم محمد في السن كان اعتقاده يزداد بفساد تلك الأرباب، وأن ديانة قومه ديانة كاذبة، وأن هناك إلها واحدا حقيقيا لجميع الشعوب.
وقد ازداد هذا الاعتقاد في نفس محمد حتى قام في نفسه أن يدعو أمته ومواطنيه إلى الاعتقاد باعتقاده الراسخ في فؤاده، وقد دفعه عامل داخلي إلى أن الله اصطفاه لإرشاد أمته، وعهد إليه هدم ديانتهم الكاذبة، وإنارة أبصارهم بنور الحق؛ فأخذ من ذلك العهد ينادي باسم الواحد الأحد بحسب ما أوحي إليه ومقتضى اعتقاده الراسخ.
وخلاصة هذه الديانة التي نادى بها محمد هي: أن الله واحد لا إله إلا هو؛ ولذلك لا يجوز عبادة أرباب كثيرة، وأن الله رحيم عادل، وأن مصير الإنسان النهائي متوقف على الإنسان نفسه، فإذا سار حسب شريعة الله، وأتم أوامره، واجتنب نواهيه؛ فإنه في الحياة الأخرى يؤجر أجرا حسنا، وإذا خالف شريعة الله، وسار على هواه؛ فإنه يعاقب في الحياة الأخرى عقابا شديدا، وأن كل شيء في هذه الدنيا فان زائل، ولا يبقى إلا الله ذو الجلال، وأنه بدون الإيمان بالله وإتمام وصاياه لا يمكن أن تكون حياة حقيقية، وأن الله - تعالى - يأمر الناس بمحبته ومحبة بعضهم، ومحبة الله تكون في الصلاة، ومحبة القريب تقوم في مشاركته في السراء والضراء ومساعدته والصفح عن زلاته، وأن الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر يقتضي عليهم أن يبذلوا وسعهم لإبعاد كل ما من شأنه إثارة الشهوات النفسانية، والابتعاد أيضا عن الملذات الأرضية، وأنه يتحتم عليهم أن لا يخدموا الجسد ويعبدوه؛ بل يجب عليهم أن يخدموا الروح، وأن يزهدوا في الطعام والشراب، وأنه محرم عليهم استعمال الأشربة الروحية المهيجة، ومحتم عليهم العمل والجد وما شابه ذلك.
صفحه نامشخص