قال الفيلسوف في الطلاق والحجاب: إن السبب في مسألة الطلاق التي تشغل الآن الرأي العام في أوروبا هو التمدن الذي لم يقتبس الإنسان منه سوى الحمق والخلاعة، هذا هو السبب الحقيقي في ازدياد الطلاق نموا كل يوم، فلا يمضي على زواج امرأة برجل ردح من الزمن حتى تقول له: حاذر أن أتركك وأمضي إلى حال سبيلي، سرى ذلك من الربوع العالية في المدن إلى أكواخ الفلاحين، فالفلاحة لأقل شيء تقول لزوجها: خذ قمصانك وسراويلك؛ لأني تاركة لك، وذاهبة مع حبيبي يوسف الذي يفوقك حسنا وبهاء.
هذا لأن المرأة خلعت ثياب الحشمة واحترام الزوج، وخرجت من دائرة الخضوع له، تلك الواجبات التي ينبغي أن تبقى عليها حتى انقضاء الأجل.
على الرجل أن يكد ويشتغل، وما على المرأة إلا أن تقيم في البيت؛ لأنها زوجة، أو بعبارة أخرى إناء لطيف سريع الانثلام والانكسار.
على الرجل أن يراقب سلوك امرأته ولا يطلق لها العنان؛ بل يحجبها في البيت، والبيت دائرة حرية واسعة للمرأة، ثم ختم هذه السطور بمثل روسي؛ وها هو:
لا تركن إلى الفرس في الغيط، واركن للمرأة في البيت.
وقال عن الحب والزواج: إن دوام الحب بين الزوجين من رابع المستحيلات، إنه قد يكون حب؛ ولكن إلى وقت قصير جدا، ثم لا يدوم إلا في الروايات فقط، وأما بين الناس فعديم الاستقرار في قلبين معا، وكل رجل - متزوجا كان أو غير متزوج - إذا اجتازت به غادة فتانة فأكثر ما يكون منه أن يوجه إليها التفاتة، وقد يبذل بعضهم كل مرتخص وغال بعد ذلك في سبيل الوصول إليها، والمرأة من هذا القبيل كالرجل؛ فإنها تجتهد للاتصال بأكثر من واحد دائما، وما دام يمكنها هذا الاتصال فهي نائلة أربها لا محالة.
إذا قلنا: إنه يمكن للمرأة أن تحب زوجها طول الحياة فما مثلنا في ذلك إلا مثل من يوقد شمعة وهو يعتقد أنها تدوم مضيئة طوال الدهر.
إن الزواج أصبح في عصرنا هذا بيننا محض خداع، ولكنه لا يزال يوجد عند أولئك الذين يرون فيه سرا من أسرار الدين؛ كالمسلمين، والصينيين، والهنود، أما نحن فلا نرى فيه غير تلك المقارنة الحيوانية.
الزوجان يخدعان الناس بأنهما يعيشان معا في ارتباط عائلي حقيقي بالزواج، يظهر كذلك أمرهما في الخارج لكل من رآهما، وأنهما سيبقيان في تمام الوفاق ما دامت الحياة، والحقيقة أنهما يعيشان على قاعدة تعدد الزوجات، ولكن من الجانبين وبهذا التكافؤ قد يتفقان زمنا، وعلى الأكثر إن كليهما في الشهر الثاني يهدد صاحبه بالطلاق، وقبلما يتمكنان من وسائله، وعن ذلك تصدر الأفكار الخبيثة الجهنمية التي ينجم عنها إطلاق الرصاص انتحارا أو قتلا أو دس السم وما أشبه.
وقال في الفساد المنتشر بين الناس: وتفسد أخلاق الشاب في المدرسة؛ لأن جميع رفاقه فسدة الأخلاق يصحبونه معهم إلى أندية الرجس فيفقد طهارته وعفته من حيث لا يدري، إن في فعله هذا ما يخالف الآداب والفضيلة، تفسد أخلاق الشاب من أول نشأته؛ لأنه لا يسمع من مرشديه أن الفسوق محرم، بل بالعكس يسمع أن صحة الجسم تستلزم بعض الشيء، وجميع المحيطين به يقولون: إن الوقوع شيء طبيعي قانوني مفيد للصحة، وفاكهة الشباب الحلوة، لهذا كله لا يدرك الشاب أنه سائر في طريق الضلال، بل يقطع الطريق الطبيعية التي يسير فيها كل صحبه وأفراد الوسط الذي يعيش فيه، فيبدأ بالفحشاء كما يبتدئ بشرب المسكر والتدخين.
صفحه نامشخص