متن الحكم العطائية
بسم الله الرحمن الرحيم | الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( قال الشيخ ) الإمام المحقق أبو الفضل تاج الدين أحمد بن محمد عبد الكريم بن عطاء الله السكندري من علامة الاعتماد على العمل . نقصان الرجاء عند وجود الزلل إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية . وإرادتك الأسباب مع إقامة الله إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية . سوابق الهمم لاتخرق أسوار الأقدار أرح نفسك من التدبير فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك اجتهادك فيما ضمن لك وتقصيرك فيما طلب منك . دليل على انطماس البصيرة منك . لا يكن تأخر أمدالا عطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك . فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك . وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريده لا يشككنك في الوعد عدم وقوع الموعود وإن تعين زمنه . لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك وإخمادا لنور سريرتك إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال معها أن قل عملك . فإنه ما فتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك ألم تعلم أن التعرف هو موروده عليك والأعمال أنت مبديها إليه وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك تنوعت أجناس الأعمال لتنوع واردات الأحوال الأعمال صور قائمة وأرواحها وجودسر الإخلاص فيها ادفن وجودك في أرض الخمول . فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآته . أم كيف يرحل إلى الله وهو مكبل بشهواته . أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله ولم يتطهر من جناته غفلاته . أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه . فمن رأي الكون ولم يشهده فيه أو عنده أو قبله أو بعده فقد أعوزه وجود الأنوار . وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار . مما يدلك على وجود قهره سبحانه أن حجبك عنه بما ليس بموجود معه كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي أظهر كل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر لكل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الظاهر قبل وجود شيء كيف يتصور أن يحجبه وهو أظهر من كل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد الذي ليس معه شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أقرب إليك من كل شيء كيف يتصور أن يحجبه شيء ولولاه ما كان وجود كل شيء يا عجبا كيف يظهر الوجود في العدم . أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره الله فيه . إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس . لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها . فلو أرادك لاستعمال من غير إخراج . ما أراد همة سالك أن تقف عندما كشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة الذي تطلب أمامك . ولا تبرجت ظواهر المكونات إلا ونادتك حقائقها إنما نحن فتنة فلا تكفر طلبك منه اتهام له . وطلبك له غيبة منك عنه وطلبك لغيره حياتك منه وطلبك من غيره لوجود بعدك عنه ما من نفس
صفحه ۲۸۲
| تبديه إلا وله قدر فيك يمضيه لا تترقب فروغ الأغيار فإن ذلك يقطعك عن وجود المراقبة له فيما هو مقيمك فيه لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذا الدار فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها وواجب نعتها ما توقف مطلب أنت طالبه بربك ولا تيسر مطلب أنت طالبه بنفسك من علامات النجاح في النهايات الرجوع إلى الله في البدايات من أشرقت بدايته أشرقت نهايته ما استودع في غيب السرائر ظهر في شهادة الظواهر شتان بين من يستدل به أو يستدل عليه به عرف الحق لأهله فأثبت الأمر من وجود أصله والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه لينفق ذو سعة من سعته الواصلون إليه ومن قدر عليه رزقه السائرون إليه اهتدى الراحلون إليه بأنوار التوجه والواصلون لهم أنوار المواجهة فالأولون للأنوار وهؤلاء الأنوار لهم لأنهم لله لا لشيء دونه قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوفك إلى ما حجب عنك عن الغيوب الحق ليس بمحجوب وإنما المحجوب أنت عن النظر إليه إذ لو حجبه شيء لستره ما حجبه ولو كان له ساتر لكان لوجود حاصرا وكل حاصر لشيء فهو له قاهر وهو القاهر فوق عباده أخرج من أوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيبا ومن حضرته قريبا أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس وأصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها ولأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه فأي علم لعالم يرضى عن نفسه وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه شعاع البصيرة يشهدك قربه منك وعين البصيرة يشهدك عدمك لوجوده وحق البصيرة يشهدك وجوده لا عدمك ولا وجودك كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان لا تتعدنية همتك إلى غيره فالكريم لا تتخطاه الآمال لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك فكيف يرفع غيره ما كان هو له واضعا من لا يستطيع أن يرجع حاجة عن نفسه فكيف يستطيع أن يكون لها عن غيره رافعا أن لم تحسن ظنك به لأجل حسن وصفه فحسن ظنك به لوجود معاملته معك فهل عودك إلا حسنا وهل أسدي إليك إلا مننا العجب كل العجب ممن يهرب ممن لا انفكاك له عنه ويطلب مالا له معه فإنها لا تعمى الأبصار الآية لا ترحل من كون إلى كون فتكون كحمار الرحا يسير والمكان الذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل منه ولكن ارحل من الأكوان إلى المكون وأن ربك المنتهى وانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه فافهم قوله عليه الصلاة والسلام ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه فافهم قوله عليه الصلاة والسلام وتأمل هذا الأمر إن كنت ذا فهم لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله ربما كنت مسيئا فأراك الإحسان منك ضجتك إلى من هو أسوأ حالا منك ما قل عمل برز من قلب زاهد ولا كثر عمل برز مت قلب راغب ، حسن الأعمال نتائج حسن الأحوال وحسن الأحوال من التحقق في مقامات الانزال لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه لأن غفلتك عن وجوده ذكره أشد من غفلتك في وجوده ذكره فعسى أين يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى الذكر وما ذلك على الله بعزيزه من علامات موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من الموافقات وترك الندم على ما فعلته من وجود الزلات لا يعظم الذنب عندك عظمة تصدك عن حسن الظن بالله تعالى فإن من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه لا صغيرة إذا قابلك عدله ولا كبيرة إذا واجهت فضله لا عمل أرجى للقلوب من عمل يغيب عنك شهوده ويحتقر عندك وجوده إنما أورد عليك الوارد لتكون به عليه واردا
صفحه ۲۸۳
| أورد عليك الوارد ليتسلمك من يد الأغيار ، وليحرر من رق الآثار أورد عليك الوارد ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شهودك ، الأنوار مطايا القلوب والأسرار . النور جند القلب كما أن الظلمة جند النفس فإذا أراد الله أن ينصر عبده أمده بجنود الأنوار وقطع عنه مدد الظلم والأغيار ، النور له الكشف ، والبصيرة لها الحكم ، والقلب له الاقبال والأدبار لا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك وافرح بها لأنها برزت من الله إليك ، فل بفضل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون قطع السائرين له والواصلين إليه عن رؤية أعمالهم وشهود أحوالهم ، أما السائرون فلأنهم لم يتحققوا الصدق مع الله فيها وأما الواصلون فلأنه غيبهم بشهوده عنها ، ما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع ما قادرك شيء مثل الوهم ، أنت حر مما أنت عنه آيس ، وعبد لما أنت له طامع من لم يقبل على الله بملاطفات الإحسان قيد إليه بسلاسل الامتحان ، من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها ومن شكرها فقد قيدها بعقالها ، خف من وجود إحسانه إليك ودوام إساءتك معه أن يكون ذلك استدراجا لك سنستدرجهم من حيث لا يعملون من جهل المريد أن يسيء الأدب فتؤخر العقوبة عنه فيقول لو كان هذا سوء أدب لقطع الإمداد وأوجب الإبعاد ، فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر ولو لم يكن إلا منع المزيد ، وقد يقام مقام العبد وهو لا يدري ولو لم يكن إلا أن يخليك وما تريد ، إذا رأيت عبدا أقامه الله تعالى بوجود الأوراد وأدامه عليها مع طول الإمداد ، فلا تستحقرن ما منحه مولاه لأنك لم تر عليه سما العارفين ولا بهجة المحبين ، فلولا وارد ما كان ورد ، قوم أقامهم الحق لخدمته وقوم اختصهم بمحبته كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان ما سئل ومعبرا عن كل ما شهد وذاكرا كل ما علم ؛ فاستدل بذلك على وجود جهله ؛ إنما جعل الدار الآخرة محلا لجزاء عباده المؤمنين لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم ؛ لأنه أجل أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها من وجد ثمرة عمله عاجلا فهو دليل على وجود القبول آجلا ؛ إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما ذا يقيمك ؛ متى رزقك الطاعة والغنى به عنها ؛ فاعلم أنه قد أسبغ عليك نعمة ظاهرة وباطنة ، خير ما تطلب منه ما هو طالبه منك ، الحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إليها من علامات الاغترار ؛ ما العارف من إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجود وانطوائه في شهود ، الرجاء ما قارنه عمل ؛ وإلا فهو أمنية ، مطلب العارفين من الله تعالى الصدق في العبودية ، والقيام بحقوق الربوبية ، بسطك كي لا يبقيك مع القبض ، وقبضك كي لا يتركك مع البسط ، وأخرجك عنهما كي لا تكون لشيء دونه ، العارفون إذا بسطوا أخوف منهم إذا قبضوا ؛ ولا يقف على حدود الأدب في البسط إلا قليل ، البسط تأخذ منها حظها بوجود الفرح ، والقبض لاحظ للنفس فيه ، ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك ، متى فتح لك باب الفهم في المنع عاد المنع عين العطاء ، الأكوان ظاهرة غرة وباطنها عبرة ؛ فالنفس تنظر إلى ظاهر غرتها ، والقلب ينظر إلى باطن عبرتها ؛ أن أردت أن يكون لك عز لا يفنى فلا تستعزن بعز يفنى الطي الحقيقي أن تطوى مسافة الدنيا عنك حتى ترى الآخرة أقرب إليك منك ، العطاء من الخلق حرمان ، والمنع من الله إحسان ؛ جل ربنا أن يعامله العبد نقدا فيجازيه بسيئة ، كفى من جزائه إياك على الطاعة أن رضيك لها أهلا ، كفى العاملين جزاء ما هو فاتحه على قلوبهم في طاعته ؛ وما هو مورده عليهم من وجود مؤانسته ، من عبد لشيء يرجوه منه أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه ؛ فما قام بحق أوصافه متى أعطاك أشهدك بره ومتى منعك أشهدك قهره ، فهو في كل ذلك متعرف إليك ومقبل بوجود لطفه عليك ، إنما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه ، ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول
صفحه ۲۸۴
| وربما قضى عليك بالذنب فكان سببا في الوصول معصية أورثت ذلا وافتقار خير من طاعة أورثت عز واستكبارا نعمتان ما خرج موجود عنهما ولا بد لكل مكون منهما ، نعمة الايجاد ونعمة الإمداد أنعم عليك أولا بالإيجاد ثانيا بتوالي الإمداد ، فاقنك لك ذاتية ورود الأسباب مذكورات لك ثم خفى عليك منها والفاقة الذاتية لا ترفعها العوارض ، خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك ، وترد فيه إلى وجود ذلتك ، متى أوحشت من خلفه ، فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الإنس به ، متى أطلق لسانك بالطلب فاعلم أنه يريد أن يعطيك ؛ العارف لا يزول اضطراره ولا يكون مع غير الله قراره ، أنار الظواهر بأنوار آثاره ، وأنار السرائر بأنوار أوصافه لأجل ذلك أقلت أنوار الظواهر ولم تأفل أنوار القلوب والسرائر ولذلك قيل :
أن شمس النهار تغرب بالليل
وشمس القلوب ليست تغيب
ليخفف ألم البلاء عليك علمك بأنه سبحانه هو المبلى لك ، فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الاختيار من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره ، لا يخاف عليك أن تلتبس الطريق عليك وإنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك ، سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور البشرية وظهر بعظمة الربوبية في إظهار العبودية ، لا تطالب ربك بتأخر مطلبك ولكن طالب نفسك بتأخر أدبك ، متى جعلك في الظاهر ممتثلا لأمره ورزقك في الباطن الاستسلام لقهره ، فقد أعظم المنة عليك ، أليس كل من ثبت تخليصه ، لا يستحقر الورد الا جهول ، الوارد يوجد الدار الآخرة والورد ينطوي بانطواء هذه الدار ؛ وأولى ما يعتني به ما لا يخالف وجوده ، الورد هو طالبه منك والوارد أنت تطلبه منه وأين ما هو طالبه منك مما هو مطلبك منه ، ورود الإمداد بحسب الاستعداد ، وشروق الأنوار على حسب صفاء الأسرار ، الغافل إذا أصبح ينظر ماذا يفعل والعاقل ينظر ماذا يفعل الله به ، إنما يستوحش العباد والزهاد من كل شيء لغيبتهم عن الله في كل شيء فلو شهدوه في كل شيء لم يستوحشوا من شيء ، أمرك في هذه الدار بالنظر في مكنوناته وسيكشف لك في تلك الدار عن كمال ذاته ، علم منك أنك لا تصبر عنه فأشهدك ما برز منه لما علم الحق منك وجود الملل لون لك الطاعات وعلم ما فيك من وجود الشره فحجرها عليك في بعض الأوقات ليكون همك إقامة الصلاة لا وجود الصلاة فما كل مصل مقيم الصلاة طهورة للقلوب من أدناس الذنوب واستفتاح لباب الغيوب ، الصلاة المناجاة ومعدن المصافاة تتسع فيها ميادين الأسرار وتشرق فيها شوارق الأنوار ، علم وجود الضعف منك فقلل إعدادها وعلم احتياجك إلى فضله فكثر أمدادها متى طلبت أرجعك إليك ولا تفرغ مدائحك أن أظهر جوده عليك ، كن بأوصاف ربوبيته متعلقا وبأوصاف عبوديتك منحققا منك أن تدعى ما ليس لك مما للمخلوقين ، أفيبيح لك أن تدعى وصفه وهو رب العالمين كيف تخرق لك العوائد وأنت لم تخرق من نفسك العوائد ، ما الشأن وجود الطلب إنما الشأن أن ترزق حسن الأدب ، ما طلب لك شيء مثل الاضطرار ولا أسرع بالمواهب إليك مثل الذلة والافتقار ، لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساويك ومحو دعاويك لم تصل إليه أبدا ، ولكن إذا أراد أن يوصلك إليه غطى وصفك بوصفه ونعتك بنعمته فوصلك إليه بما منه إليه ، لولا جميل ستره لم يكن عمل أهلا للقبول أنت إلى حله إذا أطعته أحوج منك إلى حله إذا عصيته ، الستر على قسمين ستر عن المعصية وستر فيها فالعامة يطلبون من الله الستر فيها خشية سقوط مرتبتهم عند الخلق والخاصة يطلبون من الله الستر عنها خشية سقوطهم من نظر الملك الحق من أكرمك إنما أكرم فيك جميل ستره فالحمد لمن سترك ليس الحمد لمن أكرمك وشكرك ، ما صحبك إلا من صحبك وهو يعيبك وهو يعيبك علم وليس ذلك إلى مولاك الكريم ، خير من تصحب من يطلبك لا لشيء يعود منك إليه لو أشرق لك نور اليقين لرأيت الآخرة أقرب إليك من أن ترحل إليها ولرأيت محاسن الدنيا قد ظهرت كسفة الفناء عليها ما حجبك عن الله وجود موجود معه إذ لا شيء معه ولكن حجبك عنه توهم موجود معه ، لولا ظهوره في المكونات ما وقع عليها وجود صفاته اضمحلت مكوناته ، أظهر كل شيء لأنه الباطن
صفحه ۲۸۵
| وطوى وجود كل شيء لأنه الظاهر أباح لك أن تنظر ما في المكونات وما أذن لك أن تقف مع ذوات المكونات قل انظروا ما في السماوات والأرض ، ولم يقل انظروا السماوات والأرض ، قل انظروا ماذا فيها فتح لك باب الافهام ولم لما يظنونه فيك فكن أنت ذاما لنفسك لما تعلمه منها ، المؤمن إذا مدح استحيا من الله تعالى إن يثني عليه بوصف لا يشهده من نفسه ، أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس ، إذا أطلق الثناء ولست بأهل فاثن عليه بما هو له أهل ، الزهاد إذا مدحوا انقبضوا لشهودهم الثناء من الخلق والعارفون إذا مدحوا انبسطوا لشهودهم ذلك من الملك الحق ، متى كنت إذا أعطيت بسطك العطاء وإذا منعت قبضك المنع فاستدل بذلك على ثبوت طفوليتك وعدم صدقك في عبوديتك ، إذا وقع منك ذنب فلا يكن سبيا ليأسك من حصول الاستقامة مع ربك فقد يكون ذلك آخر ذنب قدر عليك ، إذا أردت أن ينفتح لك باب الرجاء فاشهدما منه إليك وإذا أردت أن ينفتح لك باب الخوف فاشهد ما منك إليه ، ربما أفادك في ليل القبض ما لم تستفده في إشراق نهار البسط لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ، مطالع الأنوار القلوب والأسرار نور مستودع في القلوب مدده من النور الوارد من خزائن الغيوب نور يكشف لك به عن آثاره ونور يكشف لك به عن أوصافه ، ربما وقفت القلوب مع الأنوار كما حجبت النفوس بكثائف الأغيار به عن آثاره ونور يكشف لك به عن أوصافه ، ربما وقفت القلوب مع الأنوار كما حجبت النفوس بكثائف الأغيار ستر أنوار السرائر بكثائف الظواهر احلالا لها أن تبتذل بوجود الأظهار وأن ينادي عليها بلسان الاشتهار ، سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ، ولم يوصلهم إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ربما أطلعك على غيب ملكوته وحجب عنك الاستشراف على أسرار العباد ، من اطلع على أسرار العباد ولم يتخلق بالرحمة الإلهية كان اطلاعه فتنة عليه وسببا لجر الوبال إليه ، حظ النفس في المعصية ظاهر جلى وحظها في الطاعات باطن خفى ومداواة ما يخفى صعب علاجه ، ربما دخل الرياء عليك من حيث لا ينظر الخلق إليك ، استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك ، دليل على عدم صدقك في عبوديتك ، غيب نظر الخلق إليك بنظر الله إليك وعب عن اقبالهم عليك بشهود اقباله إليك ، من عرف الحق شهده في كل شيء ومن فنى به غلب عن كل شيء ، ومن أحبه من يؤثر عليه شيئا ، إنما حجب الحق عنك شدة قربك منك ، وإنما احتجب لشدة ظهوره وخفى عن الأبصار لعظم نوره ، لا يكن طلبك تسببا للعطاء منه فيقل فهمك عنه ، ولكن طلبك لإظهار العبودية وقياما بحقوق الربوبية ، كيف يكون طلبك اللاحق سببا لعطائه السابق جل حكم الأزل أن ينضاف إلى العلل عنايته فيك لا لشيء منك وأين كنت حين واجهتك عنايته وقابلتك رعايته ، لم يكن في أزله إخلاص أعمال ولا وجود أحوال ، بل لم يكن هناك إلا محض الافضال وعظيم النوال ، علم أن العباد يتشرفون إلى ظهور سر العناية ، فقال يختص برحمته من يشاء ، وعلم أنه لو خلاهم وذلك لتركوا العمل اعتمادا على الأذل ، فقال إن رحمة الله قريب من المحسنين ، إلا المشيئة يستند كل شيء لأن وقوع ما لم يشأ الحق محال ولا تستند هي إلى شيء ، ربما دلهم الأدب على ترك الطلب اعتمادا على قسمته واشتغالا بذكره عن مسئلته ، وإنما يذكر من يجوز عليه الإغفال ، وإنما ينبه من يمكن منه الإهمال أورود الفاقات عياد المريدين ؛ العيد الوقت الذي يعود على الناس بالمسرة والسرور ، ربما وجدت من المزيد من الفاقات ما لم تحده في الصوم والصلاة ، الفاقات بسط المواهب ، أن أردت ورود المواهب عليك صحح الفقر والفاقة لديك إنما الصدقات للفقراء ، تحقق أوصافك يمدك بأوصافه ، وتحقق بذلك يمدك بعزه وتحقق بعزك يمدك بقدرته ، تحقق بضعفك يمدك بحوله وقوته ربما رزق الكرامة من تكمل له الاستقامة ، من علامات إقامة الحق لك في الشيء إدامته إياك فيه مع حصول النتائج ، من عبر من بساط إحسانه أصمتته الإساءة ، ومن عبر من بساط إحسان الله لم يصمت إذا أساءه ، تسبق أنوار الحكماء أقوالهم فحيث صار التنوير وصل التعبير . كل كلام يبرز وعليه كسوة القلب الذي منه يبرز ، من أذن له في التعبير فهمت في مسامع الحق عبارته وجليت إليهم إشارته ، ربما برزت الحقائق مكسوفة الأتوار إذا لم يؤذن لك فيها بالإظهار ، عباراتهم إما لفيضان وجد أو لقصد هداية مريد ، فالأول حال المساكين ، والثاني حال أرباب المسكنة والمحققين ، العبارة
صفحه ۲۸۶
| قوة لعائلة المستمعين وليس لك إلا ما أنت له آكل ، ربما عبر عن المقام من استشرف عليه ، وربما عبر عنه من وصل إليه وذلك يلتبس إلا على صاحب البصيرة لا ينبغي المسالك أن يعبر عن ورداته فإن ذلك يقل عملها في قلبه ويمنعه وجود الصدق مع ربه ، لا تمدن يدك إلى الأخذ من الخلائق إلا أن ترى أن المعطي فيهم مولاك فإن كنت كذلك فخذ ما وافق العلم ، ربما استحيا العارف أن يرفع حاجته إلى مولاه اكتفاء بمشيئته ، فكيف لا يستحي أن يرفعها إلى خليقته إذا إلتبس عليك أمران ، أنظر أيهما أثقل على النفس فاتبعه فإنه لا يثقل عليها الأماكن حقا من علامات اتباع الهوى المسارعة إلى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بالواجبات ، قيد الطاعات بأعيان الأوقات كي لا يمنعك عنها وجود التسويف ووسع عليك الأوقات كي لا تبقى لك نحصة الاختيار . علم قلة نهوض العباد إلى معاملته فأوجب عليهم وجود طاعته قساقهم إليها بسلاسل الإيجاب ؛ عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل ؛ أوجب عليك وجود خدمته وما أوجب عليك لا دخول جنته من استغرب أن ينفذه الله من شهوته وأن يخرجه من وجود غفلته . فقد استعجز القدرة الإلهية وكان الله على كل شيء مقتدرا ، ربما وردت الظلمة عليك ليعرفك قدر ما من به عليك ، من لم يعرف قدر النعم بوجدانها عرف بوجود فقدانها ، لا تدهشك واردات النعم بحقوق شكرك فإن ذلك مما يحط من وجود قدرك تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العضال ، لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق ، كما لا يجب العمل المشترك لا يحب القلب المشترك ، العمل المشترك هو لا يقبله والقلب المشترك لا يقبل عليه ، أنوار أذن لها في الوصول وأنوار أذن لها في الدخول ربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشوا بصور الآثار فارتحلت من حيث نزلت ، فرغ قلبك من الأغيار تملأه بالمعارف والأسرار ؛ لا تستبطئ من النوال ولكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال ، حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها وحقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها إذ ما من وقت يردالا والله عليك فيه حق جديد وأمر أكيد تقضي فيه حق غيره وأنت لم تقض حق الله فيه ، ما فاتك من عمرك لا عوض له وما حصل لك منه لا قيمة له ، ما أحببت شيئا إلا كنت له عبدا وهو لا يحب أن تكون عبدا لغيره ، لا تنفعه طاعتك ولا تضره معصيتك فإنما أمرك بهذه ونهاك عن هذه لما يعود عليك لا يزيد في عزه إقبال من أقبل ولا ينقض من عزه ادبار من أدبر وصولك إلى الله وصولك إلى الله العلم به وإلا فجل ربنا أن يتصل به شيء أو يتصل هو بشيء ، قربك منه أن تكون مشاهد لقربه وإلا فمن أين أنت ووجود قربه ، الحقائق ترد في حال التجلي مجملة وبعد الوعي يكون البيان ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم أن علينا بيانه متى وردت الواردات الألهية إليك هدمت العوائد عليك أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها الوارد يأتي من حضرة قهار لأجل ذلك لا يصادمه شيء إلا دمغه ، بل يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق كيف يحتجب الحق بشيء والذي يحتجب به هو فيه ظاهر وموجود حاضر لا تيأس من قبول عمل لم تجد فيه وجود الحضور فربما قبل من العمل ما لم تدرك ثمرته عاجلا لا تزكين واردا لا تعلم ثمرته فليس المراد من السحابة الأمطار وإنما المراد منها وجود الأثمار لا تطلبن بقاء الواردات بعد أن بسطت أنوارها وأوعت أسرارها فلك في الله غنى عن كل شيء وليس يغنيك عنه شيء تطلعك بقاء الواردات بعد أن بسطت أنوارها وأوعت أسرارها فلك في الله غنى عن كل شيء وليس بغنيك عنه شيء تطلعك إلى غيره دليل على عدم وجدانك له واسبيحاشك لفقدان ما سواه دليل على عدم وصلتك به النعم وأن تنوعت مظاهره إنما هو بشهوده واقترابه والعذاب وأن تنوعت مظاهره إنما هو لوجود حجابه فسبب العذاب وجود الحجاب وإتمام النعيم بالنظر إلى وجه الله الكريم ما تجده القلوب من الهموم والأحزاو فلأجل ما منعت من وجود العيان من تمام النعمة عليك أن يرزقك ما يكفيك ويمنعك ما يطغيك ليقل ما تفرح به يقل ما تحزن عليه أن أردت أن لا تعزل فلا تتولى ولا تدوم لك أن رغبتك البدايات زهدتك النهايات أن دعاك إليها طاهر أنهاك عنها باطنا إنما جعلها محلا للأغيار ومعدنا لوجود الأكدار تزهيدا لك فيها علم أنك لا تقبل النصح المجرد فذوقك من ذواقها ما يسهل وجود فراقها العلم النافع الذي ينبسط في الصدر شعاعه ويكشف عن القلب قناعه ، خير علم ما كانت الخشية معه العلم أن قارنته الخشية فلك وإلا فعلتك متى آلمك عدم إقبال الناس عليك أو توجههم بالذم إليك فارجع إلى علم الله فيك فإن كان لا يقنعك علم فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى إنما
صفحه ۲۸۷
| أجرى الأذى على أيديهم كي تكون ساكنا إليهم أن أراد أن يزعجك عن كل شيء حتى لا يشعلك عنه شيء إذا علمت أن الشيطان لا يغفل عنك فلا تغفل أنت عمن ناصيتك بيده ، جعله لك عدوا ليحوشك به إليك وحرك عليك النفس لتديم اقبالك عليه ، من أثبت لنفسه تواضعا فهو المتكبر حقا إذ ليس التواصع إلا عن رفعة ، فمتى أثبت لنفسك تواضعا فأنت المتكبر ليس المتواضع الذي رأى أنه فوق ما صنع ، ولكن المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع التواضع الحقيقي هو ما كانا ناشئا عن شهود عظمته وتجلى صفته لا يخرجك عن الوصف إلا شهود الوصف المؤمن يشغله الشاغل لله عن أن يكون لنفسه شاكرا وتشغله حقوق الله عن أن يكون لنفسه شاكرا وتشغله حقوق الله عن أن يكون لحظوظه ذاكرا ليس المحب من يبذل لك ليس المحب من تبذل له لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين ، لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلك ولا قطيعة بينك وبينه حتى تمحوها وصلتك جعلك في العالم المتوسط بين ملكه وملكوته ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته وأنك جوهره تنطوي عليك أصداف مكوناته وسعك الكون من حيث جثما بيتك ولم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك الكائن في الكون ولم يفتح له ميادين الغيوب مسجون بمحيطاته ومحصور في هيكل ذاته ؛ أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون فإذا شهدته كانت الأكوان معك لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية إنما مثل الخصوصية عدم وصف البشرية إنما مثل الخصوصية كإشراق شمس النهار ظهرت في الأفق وليست منه ، تارة تشرق شموس أوصافه على ليل وجودك وتارة يقبض ذلك عنك فيردك إلى حدودك فالنهار ليس منك إليك ، ولكنه وارد عليك دل بوجود آثاره على وجود أسمائه وبوجود أسمائه على ثبوت أوصافه وبوجود أوصافه ثم يرجعهم إلى التعلق بأسمائه ثم يردهم إلى شهود آثاره والسالكون على عكس هذا فنهاية السالكين بداية المجذوبين وبداية السالكين نهاية المجذوبين ( فإن ( 1 ) مراد السالكين شهود الأشياء لله ومراد المجذوبين شهود الأشياء لله ومراد المجذوبين شهود الأشياء بالله والسالكون عاملون على تحقيق الفناء والمحو والمجذوبون مسلوك بهم طريق البقاء والصحو ) لكن لا بمعنى واحد فربما التقيا في الطريق هذا في ثمرات الطاعات عاجلا بشائر العاملين بوجود الجزاء عليها آجلا كيف تطلب العوض على عمل هو متصدق به عليك أم كيف تطلب الجزاء على صدق هو مهديه إليك قوم مهديه إليك تسبق أنوارهم أذكارهم وقوم تسبق أذكارهم وقوم تتساوى أذكارهم وأنوارهم وقوم لا أذكار ولا أنوار نعوذ بالله من ذلك أنوارهم ذاكر ذكر ليستنير قلبه فكان ذاكرا وذاكر استنار قلبه فكان ذاكر والذي استوت أذكاره وأنواره فيذكر يهتدي وبنوره يقتدي ما كان ظاهر ذكر إلا عن باطن شهود وفكر أشهدك من قبل أن استشهدك فنطقت بالهيته الظواهر وتحققت بأحديته القلوب والسرائر أكرمك ثلاث كرامات جعلك ذاكرا له ولولا فضله لم تكن أهلا لجريان ذكره عليك وجعلك مذكورا به إذ حقق نسبته لديك وجلك مذكورا عنده ليتم نعمته عليك رب عمر اتسعت آماده وقلت امداده ورب عمر قليلة آماده كثيرة امداده من بورك له في عمره أدرك في يسير من الزمن من منن الله تعالى مالا يدخل تحت دوائر العبارة ولا تلحقه الإشارة ؛ الخذلان كل الخذلان أن تتفرغ من الشواغل ثم لا تتوجه وتقل عوائقك ثم لا ترحل إليه الفكرة سير القلب في ميادين الأغيار . الفكرة سراج القلب فإذا ذهبت فلا إضاءة له الفكرة فكرتان فكرة تصديق وإيمان وفكرة شهود وعيان فالأولى لأرباب الاعتبار والثانية لأرباب الشهود والاستبصار ( ومما كتب به إلى اخوانه ) أما بعد فإن البدايات مجلاة النهايات ، وإن من كانت بالله بدايته كانت إليه نهايته والمشتغل به هو الذي أحببته وسارعت إليه والمشتغل عنه هو المؤثر عليه فإن من أيقن أن الله يطلبه صدق الطلب إليه ومن علم أن الأمور بيد الله انجمع بالتوكل عليه وأنه لا بد لبناء هذا الوجود أن تنهدم دعائم وأن تسلب كرائمه فالعاقل من كان بما هو أبقى منه هو يفنى قد أشرق نوره وظهرت تباشيره فصرف عن هذه للدار
صفحه ۲۸۸
| مغضيا وأعرض موليا ؛ فلم يتخذها وطنا ولا جعلها سكنا بل أنهض الهمة فيها إلى الله وصار فيها مستعينا به في القدوم عليه ؛ فما زالت مطية عزمه لا يقر قرارها دائما تسيارها إلى أن أناخت بحضرة القدس وبساط الأنس محل المفاتحة والمواجهة والمجالسة والمحادثة والمشاهدة والمطالعة فصارت الحضرة معشش قلوبهم ، إليها يأوون وفيها يسكنون ، قال نزلوا إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ فبالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين ؛ فلم ينزلوا إلى الحقوق بسوء الأدب والغفلة ولا إلى الحظوظ بالشهوة والمتعة ؛ بل دخلوا في ذلك بالله ولله من الله وإلى الله ؛ وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ليكون نظري إلى حولك وقوتك إذا أدخلتني واستسلامي وانقيادي إليك إذا أخرجتني واجعل لي من لدنك إن كانت عين القلب تنظر إلى أن الله واحد في منته فالشريعة تقتضي أنه لابد من شكر خليقته ؛ وإن الناس في ذلك من رب العالمين أما اعتقادا نشركه جلى وأما اعتقادا نشركه جلى وأما استنادا لشركة خفي وصاحب حقيقة غاب عن الجنود بشهود الملك الحق وفنى عن الأسباب بشهود مسبب فهذا عبد مواجه بالحقيقية ظاهر عليه سناها سالك للطريقة قد استولى على مداها غير أنه غريق الأنوار ومطموس الآثار قد غلب سكره على صحوه وجمعه على فرقه وفناءه على بقائه وغيبته على حضوره وأكمل منه عبد شرب فازداد حضورا فلا جمعه يحبه عن فرقه ولا فرقه يحجبه عن جمعه ولا فناؤه عن بقائه يصده ولا بقاؤه يصده عن فنائه يعطى كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي حق حقه وقد قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لعائشة - رضي الله عنها - لما نزلت براءتها من الإفك على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا عائشة اشكري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فقالت : والله لا أشكر إلا الله دلها أبو بكر على المقام الأكمل مقام البقاء المقتضى لإثبات الآثار وقد قال الله - تعالى - أن أشكر لي ولو ديك وقال صلوات الله وسلامه عليه لا يشكر الله من لا يشكر الناس وكانت هي في ذلك الوقت مصطلمة عن شاهدها غائبة عن الآثار فلم يشهد إلا الواحد القهار ( وقال رضي الله عنه لما سئل عن قوله صلوات الله وسلامه عليه وجعلت قرة عيني في الصلاة هل ذلك خاص به أم أمر لغيره منه مشرب ونصيب فأجاب أن ) قرة العين بالشهود على قدر المعرفة بالشهود فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس معرفة كمعرفته وليس قرة عين كقرة عينه وإنما قلنا أن قرة عينه في صلاته بشهوده جلال مشهوده لأنه قد أشار إلى ذلك بقوله في الصلاة ولم يقل بالصلاة إذ هو صلوات الله وسلامه عليه لا تقر عينه لا تقر عينه بغير ربه وكيف هو يدل على هذا المقام ويأمر به من سواه بقوله أن أعبد الله كأنك تراه ومحال أن يراه ويشهد معه سواه فإن قال سبحانه قل بقضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا الآية فاعلم أن الآية قد أومأت إلى الجواب لمن تدبر سر الخطاب إذ قال فبذلك فليفرحوا ما قال قبذلك فافرح يا محمد قل لهم فليفرحوا بالإحسان والتفضل وليكن فرحك أنت المتفضل كما قال في الآية الأخرى قال الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون الناس في ورود المنن على ثلاثة أقسام فرح بالمنن لا من حيث مهديها ومنشئها ولكن بوجود متعة فيها فهذا من الغافلين يصدق عليه قوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فهذا فليفرحوا هو خير مما يجمعون وفرح بالله ما شغله من المنن ظاهر متعتها ولا باطن منتها بل شغله النظر إلى الله عما سواه والجمع عليه فلا يشهد إلا إياه يصدق عليه قوله تعالى قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وقد أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام يا داود قل للصديقين بي فليفرحوا بي فليفرحوا بذكرى فليتنعموا والله تعالى يجعل فرحنا وإياكم به والرضى منه وأن يجعلنا من أهل الفهم عنه وأن يجعلنا من الغافلين وأن يسلك بنا مسلك المتقين بمنه وكرمه ( وقال رضي الله عنه في مناجاته ) إلهى أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرا في فقري إلهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولا في جهلي إلهي أن اختلاف تدبيرك وسرعة حلول مقاديرك منعا عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس منك في بلاء إلهي مني اختلاف تدبيرك وسرعة حلول مقاديرك منعا عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس منك في بلاء إلهي مني ما يليق بلؤمي ومنك ما يليق بكرمك إلهي وصفت نفسك باللطف والرأفة بي قبل وجود ضعفي أفتمعني منها بعدم وجود ضعفي إلهي أن ظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة علي وأن ظهرت المساوئ مني فبعدلك ولك الحجة على إلهي كيف
صفحه ۲۸۹
| تكلمني إلى نفسي وقد توكلت لي وكيف أضام الناصر لي أم كيف أخيب وأنت الحفي بي ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك وكيف أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك أم كيف أشكوا إليك حالي وهو لا يخفي عليك أم كيف أترجم لك بمقالي إليك إلهي وهو منك برز إليك أم كيف تخيب آمالي وهي قد وفدت إليك أم كيف لا تحسن أحوالي وبك قامت إليك إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي وما أرحمك بي مع قبيح فعلي إلهي ما أقربك مني وما أبعدني عنك إلهي ما أرأفك بي فما الذي يحجبني عنك إلهي قد علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار أن مرادك مني أن في كل شيء حتى لا أجهلك في شيء مني إلهي كلما أخرسني لؤمي أنطقتني كرمك وكلما آيستني أوصافي أطمعتني منتك إلهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لا تكون مساويه مساوي ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكن دعاويه دعاوي إلهي حكمك النافذ ومشيئتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالا ولا لذي حال حالا إلهي كم من طاعة بنيتها وحالة شيدتها هدي اعتمادي عليها عدلك بل أقالني منها فضلك إلهي أنت تعلم وأن لم تدم الطاعة مني فعلا جزما فقد دامت محبة وعزما إلهي كيف أعزم أنت القاهر وكيف لا أعزم وأنت الآمر إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوه مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك من رغبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت تكون دعاويه دعاوي إلهي كيف إليك إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم يجعل له من حبك نصيبا إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فأرجعني إليها بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون السر عن النظر إليها ومرفوع الهمة عن الإعتماد عليها أنك على كل شيء قدير إلهي هذا ذلي ظاهر بين يديك . وهذا حالي لا يخفي عليك منك أطلب الوصول إليك وبك أستدل عليك فاهدني بنورك إليك وأقلني بصدق العبودية من يديك إلهي علمني من علمك المخزون وصني بسر اسمك المصون إلهي حققني بحقائق أهل القرب واسلك بي مسالك أهل الجذب إلهي اغنني بتدبيرك عن تدبيري وباختيارك لي عن اختياري وأوقفني على مراكز اضطراري إلهي من ذل نفسي . وطهرني من شكي وشركي قبل حلول رمسيء . بك انتصر وأوقفتني على مراكز اضطراري إلهي أخرجني من ذل نفسي . وطهرني من شكي وشركي قبل حلول رمسئ . بك انتصر فانصرني وعليك أتوكل فلا تكلني وإياك أسأل فلا تخيبني وفي فضلك أرغب فلا تحرمني ولجنابك أنتسب فلا تبعدني وببابك أقف فلا تطردني إلهي تقدس رضاك أن تكون له علة منك فكيف تكون له علة مني أنت الغني بذاتك عن أن يصل أقف فلا تطردني إلهي تقدس رضاك أن تكون له علة منك فكيف تكون له علة مني أنت الغني بذاتك عن أن يصل أقف فلا تطردني إلهي تقدس رضاك أن تكون له علة منك فكيف تكون له علة مني أنت الغني بذاتك عن أن يصل إليك النفع فكيف لا تكون غنيا عني ، إلهي أن القضا والقدر غلبني وأن الهوى بوثائق الشهرة أسرثي فكن أنت النصير النصير لي حتى تنصرني وتنصر بي ، وأغنني بفضلك حتى استغنى بك عن طلبي ، أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدك وأنت الذي أزلت الأغيار من قلوب أحبابك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجؤا إلى غيرك أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم وأنت الذي هديتهم حتى استبانت المعالم ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك لقد خاب من رضي دونك بدلا ولقد خسر من بغى عنك متحولا إلهي كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان وكيف يطلب من غير وأنت ما بدلت عادة الامتنان يا من أذاق أحباءه حلاوة مؤانسة فقاموا بين يديه متملقين ويا من أليس أولياؤه ملابس هيبته فقاموا بعزته مستعزين أنت الذاكر من قبل الذاكرين وأنت البادئ بالإحسان من قبل اطلبني برحمتك حتى أصل إليك واجذبني بمننك حتى أقبل عليك إلهي أن رجائي لا ينقطع عنك وأن عصيتك كما أن خوفي لا يزايلني وأن أطعتك إلهي قد دفعتني العوالم إليك وقد أوقفني علمي بكرمك عليك إلهي كيف أخيب وأنت أملي ، أم كيف أهان وعليك متكلي إلهي كيف استعز وأنت في الذلة اركزتني أم كيف استعز وإليك نسبتني أم كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقر أقمتني أم كيف افتقر الذي بجودك أغنيتني أنت الذي لا إله غيرك تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء وأنت الذي تعرفت إلى في كل شيء فرأيتك ظاهرا في كل شيء فأنت الظاهر لكل شيء يا من استوى برحمانيته على عرشه فصار العرش غيبا في رحمانيته كما صارت العوالم غيبا في عرشه محقت الآثار بالآثار ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار يا من أحتجب في سرادقات عزه عن أن تدركه الأبصار يا من تجلى بكمال بهائه فتحققت عظمته الأسرار كيف تخفي وأنت الرقيب الحاضر والله الموفق ؟ |
صفحه ۲۹۰