حضور وفاته (1) إلى الملائكة ، بالضعف في الأرض التي كانوا فيها وما خشوا من أهلها على أنفسهم من الهلكة ، ففي ذلك أكفى الكفاية ، لمن له في نفسه أدنى عناية ، قال الله سبحانه : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) (97) [النساء : 97] ، فاعتذروا في الجوار لمن ظلم عند (2) مساءلة الملائكة لهم عن أمرهم ، بما لم يقبله الله جل ثناؤه ولا الملائكة صلوات (3) الله عليهم من عذرهم ، وردت عليهم الملائكة في ذلك ردا محكما فصلا ، جعله الله لرضاه (4) به وحيا منزلا ، فقالت الملائكة عليهم (5) السلام : ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) [النساء : 97] ، وقال الله لا شريك له لهم : ( فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) [النساء : 97] ، فلم يجعل الله سبحانه لهم في جوار أعدائه عذرا ولا تعذيرا ، وجعل جهنم لهم مصيرا ودارا ، ولم يزدهم عذرهم عنده إلا تبارا ، فأي كفاية أو شفاية أشفى ، لمن أراد شفاء (6) من هذا لمن يسمع ويبصر ويرى (7)، فنحمد الله على ما بين في الهجرة من الحق والهدى ، فأمر به وفرضه من مهاجرة من ظلم وتعدى.
مع ما في سورة الامتحان ، في الهجرة من التأكيد والبيان ، فقال الله لا شريك له : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) [الممتحنة : 1] ، فإنما كان إلقاء بغير التقاء ولا مقاعدة ، بكتاب كتبه ، فيما قالوا : حاطب ابن أبي بلتعة ، فقال عمر : اتركني يا رسول الله أقتله فقد كفر بمكاتبته ،
صفحه ۲۶۹