[الحجرات: ٣] الآية فإنه مدحهم على غض الصوت عند رسوله مطلقا فهم مأمورون بذلك في مثل ذلك ينهون عن رفع الصوت عنده ﷺ وأما غض الصوت مطلقا عند رسول الله ﷺ فهو غض خاص ممدوح ويمكن العبد أن يغض صوته مطلقا في كل حال ولم يؤمر العبد به بل يؤمر برفع الصوت في مواضع: إما أمر إيجاب أو استحباب.
فلهذا قال: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ [لقمان: ١٩]، فإن الغض في الصوت والبصر جماع ما يدخل إلى القلب ويخرج منه فبالسمع يدخل القلب وبالصوت يخرج منه كما جمع العضوين في قوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾ [البلد: ٨، ٩]، فبالعين والنظر يعرف القلب الأمور واللسان والصوت يخرجان من عند القلب الأمور هذا رائد القلب وصاحب خبره وجاسوسه وهذا ترجمانه.
ثم قال تعالى: ﴿ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ [النور:٣٠]، وقال: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣]، وقال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣]، وقال في آية الاستئذان: ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾ [النور: ٢٨]، وقال: ﴿فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣]، وقال: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ﴾ [المجادلة: ١٢] .
1 / 45