223

هدایت گمراهان در پاسخ به یهودیان و مسیحیان

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

ویرایشگر

محمد أحمد الحاج

ناشر

دار القلم- دار الشامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

محل انتشار

جدة - السعودية

الْإِسْلَامِ مِنَ الرِّئَاسَةِ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ شَهِدُوا لَهُ كُلُّهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ رَئِيسُهُمْ وَخَيْرُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ، فَعَلِمَ أَنَّهُمْ إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِهِ أَخْرَجُوهُ مِنْ تِلْكَ الرِّئَاسَةِ وَالسِّيَادَةِ، فَأَحَبَّ أَنْ يُعْلِمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ، فَقَالَ: أَدْخِلْنِي بَعْضَ بُيُوتِكَ وَسَلْهُمْ عَنِّي، فَفَعَلَ، وَسَأَلَهُمْ عَنْهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ سَيِّدُهُمْ وَرَئِيسُهُمْ وَعَالِمُهُمْ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ وَذَكَّرَهُمْ وَأَوْقَفَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَابَلَهُمْ بِذَلِكَ، فَسَبُّوهُ وَقَدَحُوا فِيهِ وَأَنْكَرُوا رِئَاسَتَهُ وَسِيَادَتَهُ وَعِلْمَهُ.
فَلَوْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ مِمَّنْ يُؤْثِرُ عَرَضَ الدُّنْيَا وَالرِّئَاسَةِ لَفَعَلَ كَمَا فَعَلَهُ إِخْوَانُ الْقِرَدَةِ وَأُمَّةُ الْغَضَبِ وَالْقَوْمُ الْبُهْتُ، وَهَكَذَا شَأْنُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ.
وَأَمَّا الْمُتَخَلِّفُونَ فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ صَرَّحَ بِغَرَضِهِ لِخَاصَّتِهِ وَعَامَّتِهِ، وَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ عَظَّمُونَا وَرَأَّسُونَا وَمَلَّكُونَا فَلَوِ اتَّبَعْنَاهُ لَنَزَعُوا ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَّا، وَهَذَا قَدْ رَأَيْنَاهُ نَحْنُ فِي زَمَانِنَا وَشَاهَدْنَاهُ عِيَانًا. وَلَقَدْ نَاظَرْنَا بَعْضَ عُلَمَاءِ النَّصَارَى مُعْظَمَ يَوْمٍ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ بُهِتَ، فَقُلْتُ لَهُ وَأَنَا وَهُوَ خَالِيَانِ: مَا يَمْنَعُكَ الْآنَ مِنَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ؟ فَقَالَ لِي: إِذَا قَدِمْتُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْحَمِيرِ - هَكَذَا لَفْظُهُ - فَرَشُوا الشِّقَاقَ تَحْتَ حَوَافِرِ دَابَّتِي، وَحَكَّمُونِي فِي أَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَلَمْ يَعْصُونِي فِيمَا آمُرُهُمْ بِهِ، وَأَنَا لَا أَعْرِفُ صَنْعَةً، وَلَا أَحْفَظُ قُرْآنًا، وَلَا نَحْوًا وَلَا فِقْهًا، فَلَوْ أَسْلَمْتُ لَدُرْتُ فِي الْأَسْوَاقِ أَتَكَفَّفُ النَّاسَ، فَمَنِ الَّذِي يَطِيبُ نَفْسًا بِهَذَا؟! فَقُلْتُ: هَذَا لَا يَكُونُ، وَكَيْفَ تَظُنُّ بِاللَّهِ أَنَّكَ إِذَا أَسْلَمْتَ وَآثَرْتَ رِضَاهُ عَلَى هَوَاكَ يُخْزِيكَ وَيُحْوِجُكَ؟! وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَكَ فَمَا ظَفِرْتَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ وَمِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ، فِيهِ أَتَمُّ الْعَوَضَ عَمَّا فَاتَكَ، فَقَالَ: حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ، فَقَلَتْ: وَالْقَدَرُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْقَدَرُ حُجَّةً لَكَانَ حُجَّةً لِلْيَهُودِ عَلَى

2 / 439