205

هدایت گمراهان در پاسخ به یهودیان و مسیحیان

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

ویرایشگر

محمد أحمد الحاج

ناشر

دار القلم- دار الشامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

محل انتشار

جدة - السعودية

عُلَمَائِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ أَنَّهَا عَيْنُ التَّوْرَاةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ أَلْبَتَّةَ، لِأَنَّ مُوسَى صَانَ التَّوْرَاةَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَبُثَّهَا فِيهِمْ خَوْفًا مِنِ اخْتِلَافِهِمْ مِنْ بَعْدِهِ فِي تَأْوِيلِ التَّوْرَاةِ الْمُؤَدِّي إِلَى انْقِسَامِهِمْ أَحْزَابًا، وَإِنَّمَا سَلَّمَهَا إِلَى عَشِيرَتِهِ أَوْلَادِ لَاوِي، قَالَ: وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ التَّوْرَاةِ مَا هَذِهِ تَرْجَمَتُهُ: وَكَتَبَ مُوسَى هَذِهِ التَّوْرَاةَ وَدَفَعَهَا إِلَى الْأَئِمَّةِ بَنِي لَاوِي.
وَكَانَ بَنُو هَارُونَ قُضَاةَ الْيَهُودِ وَحُكَّامَهُمْ، لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وَخِدْمَةَ الْقَرَابِينِ وَالْبَيْتِ الْمُقَدِّسِ كَانْتَ فِيهِمْ، وَلَمْ يَبْذُلْ مُوسَى التَّوْرَاةَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا نِصْفَ سُورَةٍ، وَقَالَ اللَّهُ لِمُوسَى عَنْ هَذِهِ السُّورَةِ: وَتَكُونُ هَذِهِ السُّورَةُ شَاهِدَةً لِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُنْسَى هَذِهِ السُّورَةُ مِنْ أَفْوَاهِ أَوْلَادِهِمْ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ التَّوْرَاةِ فَدَفَعَهَا إِلَى أَوْلَادِ هَارُونَ وَجَعَلَهَا فِيهِمْ وَصَانَهَا عَمَّنْ سِوَاهُمْ، فَالْأَئِمَّةُ الْهَارُونِيُّونَ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْرِفُونَ التَّوْرَاةَ وَيَحْفَظُونَ أَكْثَرَهَا، فَقَتَلَهُمْ بُخْتَ نَصَّرُ عَلَى دَمٍ وَاحِدٍ يَوْمَ اسْتَوْلَى عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلَكِنَّ التَّوْرَاةَ مَحْفُوظَةٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ، بَلْ كُلٌّ مِنَ الْهَارُونِيِّينَ يَحْفَظُ فَصْلًا مِنَ التَّوْرَاةِ. فَلَمَّا رَأَى عِزْرَا أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ أُحْرِقَ هَيْكَلُهُمْ وَزَالَتْ دَوْلَتُهُمْ وَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ وَرُفِعَ كِتَابُهُمْ، جَمَعَ مِنْ مَحْفُوظَاتِهِ وَمِنَ الْفُصُولِ الَّتِي يَحْفَظُهَا الْكَهَنَةُ مَا لَفَّقَ مِنْهُ هَذِهِ التَّوْرَاةَ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ، وَلِذَلِكَ بَالَغُوا فِي تَعْظِيمِ عِزْرَا غَايَةَ الْمُبَالَغَةِ، وَقَالُوا فِيهِ مَا حَكَّاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي كِتَابِهِ، وَزَعَمُوا أَنَّ النُّورَ إِلَى الْآنَ يَظْهَرُ عَلَى قَبْرِهِ عِنْدَ بَطَائِحِ الْعِرَاقِ، لِأَنَّهُ عَمِلَ لَهُمْ كِتَابًا يَحْفَظُ دِينَهُمْ.
فَهَذِهِ التَّوْرَاةُ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ كِتَابُ عِزْرَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَوْ أَكْثَرِهَا مِنَ التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى مُوسَى، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي جَمَعَ هَذِهِ الْفُصُولَ الَّتِي

2 / 421