هدایت گمراهان در پاسخ به یهودیان و مسیحیان
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
پژوهشگر
محمد أحمد الحاج
ناشر
دار القلم- دار الشامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
محل انتشار
جدة - السعودية
ژانرها
عقاید و مذاهب
قَامَ إِلَيْهِ فَاحْتَضَنَهُ وَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى الطَّعَامِ، وَالْغَمَامَةُ تَسِيرُ عَلَى رَأْسِهِ، وَجَعَلَ بَحِيرَا يَلْحَظُهُ لَحْظًا شَدِيدًا وَيَنْظُرُ إِلَى أَشْيَاءَ فِي جَسَدِهِ، قَدْ كَانَ يَجِدُهَا عِنْدَهُ فِي صِفَتِهِ، فَلَمَّا تَفَرَّقُوا عَنِ الطَّعَامِ قَامَ إِلَيْهِ الرَّاهِبُ، فَقَالَ: يَا غُلَامُ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اللَّاتِ وَالْعُزَّى إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَسْأَلْنِي بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَوَاللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ شَيْئًا بُغْضَهُمَا، قَالَ: فَبِاللَّهِ إِلَّا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، قَالَ: سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُخْبِرُهُ فَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا عِنْدَهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَنْظُرُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ ظَهْرِهِ فَرَأَى خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عِنْدَهُ فَقَبَّلَ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ. وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ لِمُحَمَّدٍ عِنْدَ هَذَا الرَّاهِبِ لَقَدْرًا، وَجَعَلَ أَبُو طَالِبٍ لِمَا يَرَى مِنَ الرَّاهِبِ يَخَافُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ، فَقَالَ الرَّاهِبُ لِأَبِي طَالِبٍ: مَا هَذَا الْغُلَامُ مِنْكَ؟ قَالَ: هُوَ ابْنِي، قَالَ: مَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْغُلَامِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا، قَالَ: فَابْنُ أَخِي، قَالَ: فَمَا فَعَلَ أَبَوْهُ؟ قَالَ: هَلَكَ وَأَمَّهُ حُبْلَى، قَالَ: فَمَا فَعَلَتْ أُمُّهُ؟ قَالَ: تُوُفِّيَتْ قَرِيبًا، قَالَ: صَدَقْتَ، ارْجِعْ بِابْنِ أَخِيكَ إِلَى بَلَدِهِ وَاحْذَرْ عَلَيْهِ الْيَهُودَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ عَرَفُوا مِنْهُ مَا أَعْرِفُ لَتَبْغُنَّهُ عَنَتًا، وَإِنَّهُ كَائِنٌ لِابْنِ أَخِيكَ هَذَا شَأْنٌ عَظِيمٌ نَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا، وَاعْلَمْ أَنِّي قَدْ أَدَّيْتُ إِلَيْكَ النَّصِيحَةَ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تِجَارَتِهِمْ خَرَجَ بِهِ سَرِيعًا، وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ يَهُودَ قَدْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَعَرَفُوا صِفَتَهُ فَأَرَادُوا أَنْ يَغْتَالُوهُ، فَذَهَبُوا إِلَى بَحِيرَا فَذَكَرُوا لَهُ أَمْرَهُ فَنَهَاهُمْ أَشَدَّ النَّهْيِ، وَقَالَ لَهُمْ: أَتَجِدُونَ صِفَتَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ فَمَا لَكَمَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ، فَصَدَقُوهُ وَتَرَكُوهُ، وَرَجَعَ أَبُو طَالِبٍ فَمَا خَرَجَ بِهِ سَفَرًا بَعْدَ ذَلِكَ خَوْفًا عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى هِرَقْلَ صَاحِبِ الرُّومِ نَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا الْغُوطَةَ غُوطَةَ دِمَشْقَ، فَنَزَلْنَا عَلَى جَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيِّ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا بِرَسُولٍ نُكَلِّمُهُ، فَقُلْنَا:
2 / 409