عملي يترتب عليه تحريك عملي قابل لأن يعنون في الكتب الفقهية؟ إذ لا يبحث في الفقه عما لا أثر عملي فيه من الأحكام ، والشاهد على ذلك أنه يعتبر في حجية الأمارات والأصول أن يكون لمؤداها أثر شرعي عملي ، وبدونه لا اعتبار بها ، ومن هنا لا تثبت طهارة كرة المريخ بقاعدة الطهارة ، كما لا يخفى.
ومنها : إمكان التقرب بإتيان المقدمات إن قلنا بوجوبها ، وعدمه إن قلنا بعدمه.
وفيه : ما ذكرنا سابقا من أن مناط حصول التقرب وصيرورة الفعل قربيا في المقدمات قصد التوصل إلى محبوب المولى وتحصيل رضاه ، سواء قلنا بوجوب المقدمة أو لم نقل.
ومنها : أن يستنتج من هذا البحث صغرى لكبرى مسلمة فقهية ، وهي أنه إذا أمر أحد أحدا بعمل فعمل ، يستحق منه أجرة المثل ، فإذا ثبت وجوب المقدمة وأنها مأمور بها شرعا فإذا أتى العامل بالمقدمات دون ذيها ، فيترتب قياس ، ويقال : «هذه المقدمات مأمور بها ، لثبوت الملازمة عقلا بين الأمرين ، وكل مأمور بعمل يستحق من الآمر أجرة المثل ، فيستحق هذا العامل أجرة المثل على عمل هذه المقدمات.
وفيه : أنه قد ثبت في محله أن مدرك ضمان أجرة المثل إنما هو المعاملة الضمنية الثابتة ببناء العرف والعقلاء والسيرة فيما إذا لم تكن قرينة حالية أو مقالية على المجانية وبلا عوض ، بخلاف ما إذا قام قرينة على المجانية ، كأمر أحد آخر بسقي الماء بقوله : «جئني بالماء لأشربه» فإنه لا يكون ضمان في هذه الصورة ، لانتفاء بناء العرف وعدم جريان السيرة ، فحينئذ إن كانت المقدمات مما جرت السيرة العقلائية على عدم مجانيتها ، فيستحق العامل بها أجرة المثل ،
صفحه ۱۱۱