398

الواجب (1) مقدمة له ، حيث إن مقتضى إطلاق «صل» مثلا : أن الصلاة واجبة ، سواء أتى بالوضوء أم لا ، فإن لازمه العقلي هو عدم مقدمية الوضوء للصلاة ، ولازم ذلك عدم كون الوضوء واجبا غيريا ، وقد تقرر في محله أن الأصول اللفظية لوازمها ومثبتاتها كلها حجة ، فعلى هذا تثبت النفسية بلازم إطلاق «صل» كما تثبت بنفس دليل هذا الواجب ، مثل «توضأ» مثلا.

وهنا إشكال قد أبداه شيخنا العلامة الأنصاري على ما أفاده صاحب التقريرات (2) وهو أن مفاد الهيئة حيث إنه جزئي لا يقبل الإطلاق والتقييد ، فلا يمكن التمسك بالإطلاق في إثبات النفسية.

وأجاب عنه صاحب الكفاية (3) قدسسره بأن مفاد الهيئة ليس هو حقيقة الطلب وواقعه حتى يكون جزئيا وغير قابل للإطلاق والتقييد ، بل مفادها هو مفهوم الطلب ، إذ لا يعقل إيجاد واقعه الذي هو الصفة النفسانية التي هي الحب والشوق. وقد عد قدسسره هذا من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق.

أقول : قد مر مرارا أن الجمل الإنشائية مثل : «بعت» و «وهبت» وضعت لإبراز ما في النفس من اعتبار الملكية بالعوض أو بلا عوض ، والاعتبار النفساني سنخه سنخ الوجود الذهني يمكن تعلقه بأمر متأخر ، كما يمكن تصور الأمر المتأخر ، مثلا يمكن اعتبار الملكية بعد الموت في حال الحياة ، وهكذا الإيجاب الذي هو جعل الفعل على ذمة المكلف يمكن في مقام الثبوت تعلقه بأمر على تقدير مجيء زيد ، ويمكن تعلقه به مطلقا ، والأمر ليس إلا إبراز هذا الاعتبار النفساني ، فالمولى إذا أراد جعل الفعل على ذمة عبده واعتبر في نفسه

صفحه ۷۹