377

إن قلت : ما فائدة هذا البعث الاعتباري قبل زمان الواجب مع أن العبد لا يمكنه الإتيان به قبله؟ وما يخرجه عن اللغوية مع ذلك؟

قلت : يكفي في ذلك أن يكون البعث لتهيئة المقدمات وتوطين النفس لإتيان الواجب في ذلك الظرف ، الذي هو مرتبة من الانقياد.

هذا كله في إمكان الوجوب التعليقي ، وأما الكلام في وقوعه فهو أن الواجب بحسب البرهان الالتزام بالواجب التعليقي في جملة من الموارد ، ولا يمكن الفرار عنه ، وذلك في الواجبات المركبة التدريجية ، فإنه لا ريب في تعلق الوجوب الواحد الفعلي بالضرورة بالواجبات التدريجية ، كالصلاة والصوم وغير ذلك ، مع أن الإمساك في الساعة الحادية عشرة أو الإتيان بالسلام متأخر عن الإمساك في أول الفجر أو الإتيان بالتكبيرة ، ولا يمكن الامتثال في زمان الوجوب ، ففي الواجبات الضمنية كلها عدا الجزء الأول منها يكون وجوبها فعليا ، والواجب استقباليا لا يمكن الامتثال في زمان الوجوب ، بل يكون معلقا على مضي زمان الإتيان بسابقه ، فإذا كانت القدرة في ظرف العمل والامتثال كافية في الواجبات الضمنية ، فيكون في الواجبات الاستقلالية أيضا كذلك ، إذ العقل لا يفرق بينهما من حيث الإمكان والاستحالة ، وهو واضح جدا.

وأجاب عن هذا الاستدلال بعض (1) الأكابر : بأن الامتثال كما أنه تدريجي يحصل آنا فآنا في الصوم والصلاة وأمثال ذلك كذلك الوجوب تكون فعليته تدريجية ، فالوجوب المتعلق بالجزء الأخير لا يصير فعليا إلا بعد تحقق شرطه ، وهو إتيان سائر الأجزاء واستمرار الحياة إلى ذلك الزمان.

صفحه ۵۸