دوى جرس نهاية اليوم، فانطلق التلاميذ خارج غرفة الفصل في صخب، قال له «سليمان» في حماس: «أبويا قال حيشتري لي شنطة كابتن ماجد من الخرطوم لو نجحت.»
قال «عمار» ضاحكا، وهو يعدل حقيبته القماشية على ظهره: «إنت بليد ما حتنجح.»
قال «سليمان» وهو يبتسم ابتسامة واسعة: «إنت الخير والبركة، سأجلس بجانبك في الامتحان.»
وضحكا. إن القرية تبعد مسافة عشر دقائق مشيا، يقطعونها عبر غابة أشجار الهشاب التي تفصل بين القرية والمدرسة، «سليمان» يسكن في المنزل المجاور لهم، لهذا كانا يترافقان في الذهاب للمدرسة والعودة يوميا، هكذا راحا يسيران في صمت ما عدا صوت تهشم الأغصان وأوراق الأشجار الجافة المتساقطة تحت أقدامهما في الطريق، قال له «سليمان» وهو يسير إلى جانبه: «عندما تنتهي المدرسة سأسافر، وأعمل في الخرطوم مع عم الزاكي؛ حتى أجمع المال وأتزوج فطومة.»
قال له «عمار» باسما: «ولكن فاطمة لا تريدك، إنها تحب ود الريس.»
قال «سليمان» غاضبا: «أنت فقط تشعر بالغيرة؛ لأنك رأيتها تبتسم لي.» - «ابتسمت لود الريس أيضا.» - «من قال هذا؟» - «جبريل الذي يدرس في الصف الثامن، لقد أخبر كل المدرسة.»
قال «سليمان» في غضب، وهو يركل بعض الأغصان الجافة على الأرض: «ذلك الكاذب، إنه يقول أي شيء؛ ليثير غيظي.»
قال «عمار» بخبث: «لقد أقسم جبريل أيضا إنه رأى ود الريس يقبلها خلف مسجد حاج إسماعيل عند صلاة المغرب، عندما كانت تجلب الماء من البئر.» - «الكاذب ابن الكلب، سألقنه درسا.»
كانا قد وصلا بداية القرية، وراحا يدلفان بين بيوت القش المتناثرة بلا نظام، قال له «عمار» ضاحكا: «لا تنسى أن تستذكر للامتحان؛ حتى تستطيع أن تنجح، وتتزوج فاطمة قبل ود الريس.»
ابتعد «سليمان» وهو يلوح بقبضته، ويسب ويتوعد. بينما دخل «عمار» المنزل، وهو يخلع حقيبته القماشية صائحا: «أمي أنا جائع!»
صفحه نامشخص