من جديد أرى الظل يتراقص عبر المكان، ثم يتمدد على الأريكة أمامي، يبكي في حرقة. ينظر لي ويقول، وهو يمسح الأثر الملحي على وجهه: «لقد فقدت إيماني يا دكتور، لم أعد أومن بإله غير مكترث لا مبال، ولماذا الخضوع لسطوته؟! لا أومن به، ولا أحب فكرة أن أمي قد ذهبت للعدم. وصارت إلى اللاشيء، إنه لا يوجد قصاص، أتمنى وجوده وأرفضه بكل جوارحي.» «يا إلهي» يصرخ بها بألم بالغ، وضيق متعاظم ناء به صدره المرهق. «لماذا خلقتني لكل هذه المعاناة، أنا لم أطلب ذلك.»
يخفت الظل ويتلاشى، فأقول له صارخا: «كيف تتمرد عليه وأنت صنيعته؟! قفزت إلى المجهول، ووقعت بين يدي من ليس كمثله شيء. أنت الجزء من الكل، الفاني من الخالد. أنت جزء من روحه ذاتها منذ نفخك من روحه الأبدية قبل ملايين السنين. كما جاء في الأساطير الأولى. وكما نطق القرآن.
فاعرف، يا بني، أنه سيتفهم معاناتك كما تفهمتها. وسيعذر ضعفك كما فعلت. لا أتوقع منه أقل من ذلك.»
فيجاوبني صدى صوت بعيد، ما زال يتردد في الأرجاء، ويشق سكون الليل:
يا والدة أعفيلي، وعدي القطعتو معاك
الطلقة ما بتكتل
بكتل سكات الزول
صفحه نامشخص