أما أنا، فلم أسألها عن شيء؛ فما فعلته لم يبد غريبا بالنسبة إلي. وهذا عادة هو حال الأطفال الأصغر سنا؛ فما يفعله الطفل الأكبر الذي يتمتع بقوة غريبة لا يبدو استثنائيا لمن هو أصغر منه.
كان بريدنا يوضع في صندوق من الصفيح مثبت فوق أحد الأعمدة على جانب الطريق، وكنت أسير أنا وأمي إلى هناك كل يوم، إلا في الأيام التي يكون فيها الجو عاصفا بشدة، لنرى ما وصل إلينا من خطابات. وكنا نفعل ذلك بعدما أستيقظ من قيلولتي، وفي بعض الأحيان تكون هذه هي المرة الوحيدة التي نغادر خلالها المنزل طوال اليوم. ففي الصباح، كنا نشاهد برامج الأطفال بالتليفزيون، أو كانت هي تقرأ بينما أشاهد أنا تلك البرامج. (فلم تتوقف أمي عن القراءة لفترة طويلة.) وكنا نسخن بعضا من الحساء المعلب من أجل الغداء، ثم أخذت أنا قيلولتي، بينما كانت تشرع أمي في قراءة المزيد. لقد زاد حجمها على نحو كبير الآن بسبب حملها، وكان الجنين يتحرك بالفعل في أحشائها، حتى إنني كنت أشعر بحركته، وكانا سيطلقان عليه اسم براندي - لقد أطلقا عليه بالفعل اسم براندي - سواء أكان ذكرا أم أنثى.
وفي أحد الأيام وبينما كنا نسير عبر الطريق القصير كي نحضر البريد، ولم نكن في الواقع نبعد كثيرا عن صندوق البريد، توقفت أمي وظلت ساكنة في مكانها بلا حراك.
ثم قالت لي: «التزمي الهدوء.» بالرغم من أني لم أنبس بكلمة، ولم أكن أجر قدمي في الثلج بحذائي العالي الرقبة.
قلت: «أنا هادئة.» «اصمتي، ودعينا نرجع.» «لكننا لم نأت بالبريد.» «لا يهم، سيري فقط.»
ثم لاحظت أنه لا أثر لبليتزي التي كانت تسير دوما معنا سواء خلفنا أم أمامنا، بل كان هناك كلب آخر على الجانب المقابل من الطريق على بعد أقدام قليلة من صندوق البريد.
هاتفت أمي المسرح بمجرد عودتنا إلى المنزل وسمحت لبليتزي، التي كانت تنتظرنا، بالدخول إلى المنزل. لكن لم يجبها أحد. هاتفت المدرسة وطلبت ممن رد عليها أن يطلب من سائق الحافلة إحضار كارو حتى باب المنزل، واتضح أن السائق لم يكن بإمكانه ذلك لأن الثلوج هطلت عقب آخر مرة قام فيها نيل بجرف الثلوج عن الطريق القصير، لكن السائق راقبها حتى وصلت إلى باب المنزل، ولم ير أحد أثرا لأي ذئب بحلول ذلك الوقت.
وكان نيل يرى أنه لم يوجد من قبل أي ذئب في هذه المنطقة، وقال إنه إذا تصادف أن كان هناك واحد بالفعل، فإنه لن يمثل أية خطورة بالنسبة إلينا لأنه سيكون ضعيفا، ربما بسبب البيات الشتوي.
قالت كارو إن الذئاب لا تدخل في حالة بيات شتوي، وأضافت: «هذا ما تعلمناه عنها في المدرسة.»
وأرادت أمي أن يشتري نيل بندقية.
صفحه نامشخص