قال راي إن هناك ما أثار اندهاشه في تلك الفتاة؛ فقد كانت لديها قدرة كبيرة على تفهم الأمور واستيعابها بدلا من أن تنزعج أو تشعر بالارتباك؛ فهي على سبيل المثال لم تسأل قط عن شكل مقصلة الإعدام أو تبد مندهشة من فكرة وضع الرءوس بها. وأخبر إيزابيل بأن هناك شيئا ما في تلك الفتاة؛ شيئا يجعلها ترغب في استيعاب كل ما يقصه المرء على مسامعها بدلا من مجرد الشعور بالدهشة أو الإثارة حياله. وقد اعتقد بنحو ما أنها كانت تنأى بنفسها عن عائلتها، ولكن هذا لا يعني أنها كانت تزدريهم أو تقسو عليهم، لكن كل ما في الأمر أنها لم تكن تمنحهم سوى الحد الأدنى من الاهتمام.
لكنه قال بعد ذلك ما جعله أكثر أسفا مما لو عرف السبب. «ليس لديها الكثير لتتطلع إليه على أي صعيد.»
قالت إيزابيل: «حسنا، يمكننا أن نختطفها إذن.»
فحذرها هو من الحديث على هذا النحو، وطلب منها أن تكون جادة. «لا تحاولي حتى التفكير في هذا.» •••
قبل حلول عيد الميلاد بوقت قصير (وعلى الرغم من أن برد الشتاء قد هجم بضراوة حينئذ)، جاء مورجان إلى قسم الشرطة في نحو منتصف الليل ذات ليلة في وسط الأسبوع ليقول إن ليا قد اختفت.
فقد باعت التذاكر كالمعتاد، وأغلقت نافذة التذاكر، ووضعت النقود في مكانها المعتاد، واتجهت صوب منزلها وذلك على حد علمه. وقد أغلق المكان بعد انتهاء العرض، لكنه عندما خرج ظهرت له امرأة لا يعرفها وسألته عما حدث لليا. كانت هذه المرأة هي الأم؛ والدة ليا. كان الأب لا يزال في عمله بالطاحونة، وخمن مرجان أنه قد يكون قد طرأ على ذهن الفتاة أن تذهب إليه في عمله. بدا أن الأم لا تعي ما يتحدث عنه؛ لذا قال لها إنه يمكنهما أن يذهبا إلى الطاحونة ليعرفا إن كانت الفتاة قد ذهبت إلى هناك أم لا، ولكنها بكت وتوسلت إليه ألا يفعلا ذلك؛ لذا اصطحبها مورجان بالسيارة إلى منزلها معتقدا أنه يمكن أن تكون الفتاة قد عادت للمنزل الآن، لكن لسوء الحظ لم يحدث ذلك؛ لذا اعتقد أنه من الأحرى أن يذهب ويخبر راي بما حدث.
ولم ترق له فكرة أن ينقل خبر اختفاء الفتاة إلى الأب.
قال راي إن عليهما أن يذهبا إلى الطاحونة على الفور؛ فهناك احتمال ضئيل أن تكون هناك، لكن عندما وصلا إلى مكان عمل الأب، لم يكن يعرف عنها شيئا، وقد استشاط غضبا لخروج زوجته على هذا النحو بينما لم يأذن لها أن تغادر المنزل.
سأل راي عن صديقاتها ولم يندهش عندما علم أنها ليس لديها أي صديقات، ثم طلب من مورجان أن يعود إلى منزله، وذهب هو بنفسه إلى منزل الفتاة حيث وجد الأم في حالة كبيرة من الذهول تماما كما وصفها مورجان. كان الأطفال لا يزالون مستيقظين، أو بعض منهم، واتضح أيضا أنهم كانوا عاجزين عن الكلام، وكانوا يرتجفون إما من الخوف وريبهم من وجود شخص غريب بالبيت، وإما من البرد الذي لاحظ راي أنه كان يتزايد حتى في داخل المنزل. قد يكون الأب قد وضع قواعد صارمة بشأن التدفئة أيضا.
كانت ليا ترتدي معطفها الشتوي، وكان ذلك أقصى ما علمه منهم. كان يعرف ذلك المعطف البني الفضفاض ذا المربعات، وخمن أنه كان سيمنحها الدفء لفترة على الأقل. في الفترة ما بين ذهاب مورجان إلى قسم الشرطة وحتى الآن، كانت الثلوج قد بدأت تتساقط بغزارة نوعا ما.
صفحه نامشخص