حیات شرق
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
ژانرها
وإننا نؤيد صحة هذه النظرية، نظرية الاستشهاد بالإحصاءات الصحية والطبية ضد الحركة الوطنية، بما جاء في كتاب مايو نفسه فقد جاء في ص117:
إن مقاطعة بنغال هي مقر الهياج السياسي الشديد، ومحط العداوة المريرة بين الهنود والإنجليز. وتعد هذه الولاية مصدر الفوضيين وصناع القنابل ومنبت القتلة الذين يقدمون على القتل السياسي، وهم قدوة أصحاب القلاقل ونموذج لناشري أعلام الفتنة. وقد دلت مباحثي على أن أهل مقاطعة بنغال هم أشد الناس رغبة في الإفراط الجنسي (كيف علمت ذلك هذه المرأة؟!)، وقد لاحظ رجال الطب ورجال المباحث الجنائية العلاقة المتينة بين تلك الميول الشهوانية وبين تركيب العقول المشوهة التي تقترف الجرائم السياسية، فإن انهماك القوى البدنية والمعنوية في الشهوات البهيمية يحدث ظمأ للدماء ورغبة في التعويض عن الكمية المفقودة بالجرائم وإهراق الدماء. وترى بنغال كذلك مركز التمسك الجديد بعادة الحجاب فترى المنازل في حالة الموت والعدم، فلا يجد الشبان الملتهبون غيرة على وطنهم مجالا لتصريف مواهبهم الاجتماعية، ويجتمع ذلك إلى المبادئ الأوروبية التي أساءوا هضمها فينتج الإجرام السياسي. ا.ه. كلام كاترين مايو
وليس لنا كلام على هذه النبذة، والقارئ وحده يرى المجهود الشديد الذي بذلته تلك المرأة لترد الأعمال السياسية والثورات القومية التي ظهرت في الهند إلى الهياج التناسلي! وهذا أغرب تعليل قرأناه في حياتنا، فهل كان كل الأيرلنديين المطالبين بالحكم الذاتي، والفرنسيين في عهد الثورة، والإنجليز لدى محاكمة شارل الأول، والروس في الفتنة البلشفية، والبولونيين والإيطاليين، وأهل الولايات المتحدة في حرب الاستغلال والاستقلال عند أخذ الدستور، والصينيين في حركة الجمهورية، وقد قام كلهم بأضعاف ما قام به الهنود؛ هل كان كل هؤلاء مفرطين في العلاقة الجنسية؟ وهل كانت كل نسائهم الأوروبيات محجبات وبيوتهم مائتة لا تكفيهم ومبادئهم التي تعلموها أو التي اكتشفوها ببصائرهم القوية؛ كانت كلها مهضومة هضما سيئا؟
ألا إن البنكنوت الإنجليزي يفعل أكثر من ذلك في مثل هذه المرأة.
هذا قليل من كثير مما جاء في كتاب كاترين مايو، وأنت ترى أن سادتها الإنجليز سواء أكانوا في دوننج ستريت أم في سكوتلانديارد لم ينفقوا أموالهم عبثا ولم يضيعوها على باب كاترين مايو، بل استوفوا ثمنهم وأخذوا «بحقهم حلفا» وزيادة. وجاء كتاب كاترين مايو في وقته فنشرت منه مئات ألوف النسخ في القارات الخمس، فكان أبشع صورة ترسم للهند وأفظع دعاية تذاع ضدها في الوقت الذي قامت فيه قيامتها الكبرى.
وقد ألف كثيرون من الهنود والإنجليز أنفسهم كتبا قيمة في الرد عليه وتفنيد ما جاء به، وكان في مقدمة الذين ردوا عليها المهاتما موهانداس كرمشند غاندي نفسه، وقد عاب عليها أنها شوهت النبذ التي اقتبستها من كتبه ومقالاته ولامها على أنها طعنته من خلفه وهو راقد في سجنه في ص387، إذ نسبت إليه أنه وقد أصيب بالزائدة الدودية طلب أن يعمل له العملية طبيب إنجليزي لا طبيب هندي ، في حين أنه قد نشر مقالا انتقد فيه الطب الغربي، فكانت عدم ثقته بالأطباء من أبناء وطنه أكبر دليل على عدم صدقه في نظر كاترين مايو.
وقد كذبها غاندي في مواطن كثيرة، منها ادعاؤها أنها طلبت إليه أن يبعث معها رسالة إلى أمريكا فقال لها: «أرسل إلى أمريكا صوت هذا المغزل!» ومنها ادعاؤها حدوث هتاف عظيم للبرنس دي غال في 22 نوفمبر سنة 1912 إبان الثورة الهندية الأولى.
الفصل الثامن عشر
محمد علي وأخوه شوكت
جهاد محمد علي قبيل وفاته
صفحه نامشخص