101

الحاوی للفتاوی

الحاوي للفتاوي

ناشر

دار الفكر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۲۴ ه.ق

محل انتشار

بيروت

الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ إِذَا آذَى الْمُصَلِّينَ وَالنِّيَامَ نَصُّوا عَلَى كَرَاهَتِهِ لَا تَحْرِيمِهِ، وَالْحُكْمُ بِالتَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَاضِحٍ صَحِيحِ الْإِسْنَادِ غَيْرِ مُعَارَضٍ، ثُمَّ إِلَى نَصٍّ مَنْ أَحَدِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، وَكُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ أبا داود وَالْبَيْهَقِيَّ اسْتَدَلَّا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَلَى جَوَازِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمَا قَالَا فِي سُنَنِهِمَا بَابُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَوْرَدَا فِيهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، وَأَخْرَجَهُ الحاكم فِي مُسْتَدْرَكِهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَ المنذري: وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ، مِنْهُ حَدِيثُ أَبِي حَازِمٍ سُلَيْمَانَ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، قُلْتُ: وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ للزركشي، وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ لِمَا قُلْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: وَقَفَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ سَائِلٌ وَهُوَ رَاكِعٌ فِي تَطَوُّعٍ فَنَزَعَ خَاتَمَهُ فَأَعْطَاهُ السَّائِلَ فَنَزَلَتْ ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة: ٥٥] وَأَخْرَجَ ابن مردويه فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ، وَإِذَا مِسْكِينٌ يَسْأَلُ فَقَالَ: أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ ذَاكَ الْقَائِمُ، قَالَ: عَلَى أَيِّ حَالٍ أَعْطَاكَ؟ قَالَ: وَهُوَ رَاكِعٌ، قَالَ: وَذَلِكَ علي فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَلَا الْآيَةَ ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة: ٥٥]» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ علي قَائِمًا يُصَلِّي فَمَرَّ سَائِلٌ وَهُوَ رَاكِعٌ فَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ بْنُ حِبَّانَ وابن مردويه فِي تَفْسِيرِهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: «(نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [المائدة: ٥٥] الْآيَةَ، عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ، فَإِذَا سَائِلٌ، فَقَالَ: أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا إِلَّا ذَاكَ الرَّاكِعُ - لعلي - أَعْطَانِي خَاتَمَهُ)»، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: تَصَدَّقَ علي بِخَاتَمِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَنَزَلَتْ ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [المائدة: ٥٥] الْآيَةَ. فَهَذِهِ خَمْسُ طُرُقٍ لِنُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي التَّصَدُّقِ عَلَى السَّائِلِ فِي الْمَسْجِدِ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَأَخْرَجَ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: («قَامَ سَائِلٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَسَأَلَ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا أَعْطَاهُ فَأَعْطَاهُ الْقَوْمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ سَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مُنْتَقَصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ») .

1 / 104