الحاوی کبیر
كتاب الحاوى الكبير الماوردى
پژوهشگر
الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٩ هـ -١٩٩٩ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
إِلَى أَنَّ حُكْمَ الدِّبَاغَةِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِهِ لِأَنَّ الدِّبَاغَةَ رُخْصَةٌ فاقتضى أن يكون حكمها موقوف عَلَى النَّصِّ.
وَقَالَ أبو حنيفة: الْمَعْنَى فِي الشث والقرظ أنه منشف مجفف بكل شَيْءٍ كَانَ فِيهِ تَنْشِيفُ الْجِلْدِ وَتَجْفِيفُهُ جَازَتْ بِهِ الدِّبَاغَةُ حَتَّى بِالشَّمْسِ وَالنَّارِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ ﵀ أَنَّ الْمَعْنَى فِي الشَّثِّ وَالْقَرَظِ أَنَّهُ يُحْدِثُ فِي الْجِلْدِ أَرْبَعَةَ أَوْصَافٍ:
أَحَدُهَا: تَنْشِيفُ فُضُولِهِ الطاهرة ورطوبته الباطنة.
والثاني: تطيب رِيحِهِ وَإِزَالَةُ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنْ سُهُوكَةٍ وَنَتَنٍ.
وَالثَّالِثُ: نَقْلُ اسْمِهِ مِنَ الْإِهَابِ إِلَى الْأَدِيمِ وَالسِّبْتِ وَالدَّارِشِ.
وَالرَّابِعُ: بَقَاؤُهُ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَثَّرَ فِي الجلد هذه الأوصاف الأربعة من العفص وقشور الرمان جازت به الدباغة، لأنه في معنى الشث والقرظ وهذا صحيح من وجهين:
أحدهما: أنه لما أثر الشث والقرظ هذه الأوصاف الأربعة لَمْ يَكُنِ اعْتِبَارُ بَعْضِهَا بِالدِّبَاغَةِ بِأَوْلَى مِنْ بَعْضٍ فَصَارَ جَمِيعُهَا مُعْتَبَرًا وَلَمْ يَكُنْ حُكْمُهَا على الشث والقرظ مقصود، لأنها في غيرها موجودة.
والثاني: أن الدباغة عرف في العرب ولم يكن في عرفهم مقصورا عَلَى الشَّثِّ وَالْقَرَظِ، كَمَا قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لِاخْتِلَافِ عَادَتِهِمْ فِي الْبِلَادِ وَلَا اقْتَصَرُوا فِيهَا عَلَى مُجَرَّدِ التَّجْفِيفِ بِالشَّمْسِ كَمَا قَالَ أبو حنيفة فصار كلا المذهبين مدفوعان بِعُرْفِ الْكَافَّةِ وَمَعْهُودِ الْجَمِيعِ فَثَبَتَ بِهَذَا جَوَازُ الدِّبَاغَةِ بِمَا سِوَى الشَّثِّ وَالْقَرَظِ إِذَا حَدَثَ فِي الْجِلْدِ مَا وَصَفْنَا مِنَ الْأَوْصَافِ الْأَرْبَعَةِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ شَرْطًا فِيهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ شَرْطًا فِيهَا وَيَجْرِي الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى مَذْرُورَاتِ الدباغة من الأشياء المنشقة فإذا دبغ الْجِلْدُ طَهُرَ وَجَازَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ لقوله ﵇: " أو ليس في الشث والقرظ ما يذهب رجسه وَنَجَسِهِ " فَجَعَلَ مُجَرَّدَ الشَّثِّ وَالْقَرَظِ مُذْهِبًا لِرِجْسِهِ وَنَجَسِهِ وَلِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَطْهُرُ بِانْقِلَابِهِ فَلَيْسَ لِطَهَارَتِهِ إِلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ يَطْهُرُ بِهِ كَالْخَمْرِ إذا انقلب خَلًّا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ فِي الدِّبَاغَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا لِرِوَايَةِ مَيْمُونَةَ
1 / 63