هوامل و شوامل
الهوامل والشوامل
پژوهشگر
سيد كسروي
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
محل انتشار
بيروت / لبنان
وعَلى هَذِه السَّبِيل جرت أُمُور الْأَخْلَاق وَالْأَفْعَال الصادرة عَنْهَا لِأَن الْأَخْلَاق هيئات للنفوس تصدر عَنْهَا أفعالها بِلَا روية وَلَا فكر. فَأَما الْوَزير الَّذِي سمعته يَقُول: أَنا أتلذذ بالظلم فَإِن الإختيارات المذمومة كلهَا إِذا صَار مِنْهَا هيئات وملكات صَارَت شرورًا وَسمي أَصْحَابهَا: أشرارًا. وَلَيْسَ يخْتَص الظُّلم فِي اسْتِحْقَاق اسْم الشَّرّ وَخُرُوجه عَن الوسائط الَّتِي هِيَ فَضَائِل النَّفس - بِشَيْء دون أَمْثَاله ونظائره. وفقد هَذِه الوسائط هُوَ شرور ورذائل تلْحق النُّفُوس كالشره وَالْبخل والجبن سوى أَن الظُّلم اخْتصَّ بالمعاملة وَترك بِهِ طلب الِاعْتِذَار والمساواة. وَهَذِه النِّسْبَة العادلة والمساواة فِي الْمُعَامَلَة - قد بَينهَا أرسططاليس فِي كتاب الْأَخْلَاق وَأَن الْمُعَامَلَة هِيَ نِسْبَة بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيع وَالْمُشْتَرِي وَأَن نِسْبَة الأول إِلَى الثَّانِي كنسبة الثَّالِث إِلَى الرَّابِع على التكافؤ وَفِي النِّسْبَة والتبديل فِيهَا وعَلى مَا هُوَ مشروح مُبين فِي غَيره من الْكتب. فَأَما قَوْلهم: لَا يزَال النَّاس بِخَبَر مَا تفاوتوا فَإِذا تساووا هَلَكُوا فَإِنَّهُم لم يذهبوا فِيهِ إِلَى التَّفَاوُت فِي الْعدْل الَّذِي يُسَاوِي بَينهم فِي التعايش وَإِنَّمَا ذَهَبُوا فِيهِ إِلَى الْأُمُور الَّتِي يتم بهَا التمدن والاجتماع. والتفاوت بالآحاد هَهُنَا هُوَ النظام للْكُلّ. وَقيل: إِن الْإِنْسَان مدنِي بالطبع فَإِذا تساوى النَّاس فِي الِاسْتِغْنَاء هَلَكت المدنية وَبَطل الِاجْتِمَاع. وَقد تبين أَن اخْتِلَاف النَّاس فِي الْأَعْمَال وانفراد كل وَاحِد مِنْهُم بِعَمَل هُوَ الَّذِي يحدث نظام الْكل وَيتم المدنية وَمِثَال ذَلِك الْكِتَابَة الَّتِي كليتها تتمّ باخْتلَاف الْحُرُوف فِي هيئاتها وأشكالها وأوضاع بَعْضهَا عِنْد بعض فَإِن هَذَا الِاخْتِلَاف هُوَ الَّذِي يقوم ذَات الْكِتَابَة الَّتِي هِيَ كُلية وَلَو اسْتَوَت الْحُرُوف لبطلت الْكِتَابَة.
1 / 118