هوامل و شوامل

ابو علی مسکویه d. 421 AH
152

هوامل و شوامل

الهوامل والشوامل

پژوهشگر

سيد كسروي

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

محل انتشار

بيروت / لبنان

قبلت صُورَة نزعتها من مادتها واستثبتتها فِي ذَاتهَا وقيدت عَلَيْهَا قُوَّة الذّكر. وَلَيْسَ تجْرِي النَّفس مجْرى الْمرْآة الَّتِي إِذا قابلها الشَّيْء قبلت صورته مَا دَامَ ذَلِك الشَّيْء قبالتها فَإِذا زَالَ زَالَت صورته عَنْهَا وَلَا كناظر الْعين فِي قبُول الصُّور أَيْضا وَذَلِكَ أَن هَذِه أجسام طبيعية تقبل صُورَة الأجرام قبولًا عرضيًا فَأَما النُّفُوس فَإِنَّهَا تقبل الصُّور بِنَوْع أشرف وَأَعْلَى ثمَّ تستثبت تِلْكَ الصُّورَة وَإِن زَالَ حاملها عَن محاذاة الْعين. وَقد مر فِي هَذِه الْمسَائِل طرف من هَذَا الْمَعْنى وَبَين هُنَاكَ كَيفَ تقبل النَّفس بقوتها المتخيلة صُورَة الشَّيْء سَرِيعا وَكَيف تبقى بعد ذَلِك هَذِه الصُّورَة فِي قوتها الذكرية حَتَّى ترَاهَا منامًا ويقظة فَإنَّا مَتى شِئْنَا أحضرنا صور آبَائِنَا وأجدادنا ومدننا حَتَّى كأننا نراهم وَإِن كَانُوا غائبين فَأَما لم ذَلِك وَكَيف استقصاء الْكَلَام فِيهِ فموجود فِي مظانه. وَأما المعالج لما سَأَلت عَنهُ الْمُعْتَاد بِهِ بالضراوة فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك لأجل تكَرر الصُّورَة وَأَن ذَلِك الْفِعْل صَار كالخلق لَهُ. وَقد بَينا فِيمَا تقدم أَن الصُّور إِذا تَكَرَّرت على النَّفس حصل مِنْهَا شَيْء ثَابت كالجوهري لَهَا وَقُلْنَا إِنَّه لَوْلَا هَذِه الْحَال لما أدبنا الْأَحْدَاث وَلَا دَعونَا الصّبيان فِي أول نشوئهم الْعَادَات الجميلة فَإِن الْأَفْعَال إِذا اتَّصَلت ودامت ألفتها النف سَوَاء كَانَت حَسَنَة أَو قبيحة. فَإِذا اسْتمرّ الْإِنْسَان عَلَيْهَا صَارَت ملكة لَهُ وقنية فعسر زَوَالهَا.

1 / 183