وفي تلك الأيام توفي حسن أفندي بن حمزة نقيب الأشراف سابقًا، وحضر الصلاة عليه حضرة والينا حاكم الشام أسعد باشا العظم وقاضيها خليل أفندي البكري الصديقي ومفتيها حامد أفندي العمادي ونقيبها الحالي محمد أفندي العجلاني وعلي أفندي المرادي وأكابر الشام وخلق كثير، ودفن بمقبرة مرج الدحداح، رحمه الله تعالى.
وفي اليوم الثاني توفي العالم الجليل إمام المحرابين اللذين للشافعية الشيخ المصري وهو الذي جاب ماء السمرمر، وكان يحب قضاء الحوائج لعباد الله، ودفن بمقبرة الدحداح، رحمه الله تعالى.
وفي غرّة جمادى الثانية توفي حسن جلبي بن السفرجلاني، وكان من الصدور في الشام. وبهذا النهار مات ثلاث مشايخ حرف في الشام: الشيخ عبد القادر شيخ الحلوانية، وشيخ الحلاقين الأسطه محمد البوشي، وشيخ القواقجية الأسطه محمد. وفي يوم الخميس ثالث جمادى الثانية نزل برد بدمشق، وزنت واحدة جاءت سبعون درهمًا.
وهذه السنة كثيرة الأمطار والخيرات والبركات، وقد نبتت حبة الحنطة اثنين وعشرين قصلة سنبلة، حتى نقل لي بعضهم أن حبة قمح نبتت فوق سطح بيته، فوجدها بعد شتلها اثنين وعشرين قصلة أي سنبلة، مع ذلك فكل شيء غالي: فرطل السمن بأيام كثرته عشرة أواق بقرش، والدبس ثلاث أرطال بقرش، والبصل خمسة أرطال بقرش. وكل شيء على أسعار ما قدمناه، والحكم لله.
وفي هذه المدّة عمّر حضرة الحاج أسعد باشا بن العظم والي الشام طريق الميدان من باب المصلّى إلى باب الله، ولم يظلم أحدًا بذلك ولا أخذ من أحد شيئًا.
وفي أوائل شهر رجب قدم الأمير ابن الظاهر عمر حاكم طبريا وعكا، فتلقّاه حضرة أسعد باشا بواسطة موسى كيخية وخلع عليه وأكرمه وطيّب خاطره من جهة أبيه، لأنه كان بينه وبين أبيه الظاهر عمر أمور، فأصلح الباشا بينهما.
وفي تلك الأيام عمّر خليل أفندي البكري القاضي المتقدم ذكره المأذنة التي فوق المارستان. وفي هذه الأيام جاء قبجي من الدولة العلية بطلب السيد محمد أفندي المرادي ليتمثل بين حضرة السلطان الأعظم، وأن يجلب مكرمًا، وأن يعطيه أربعين كيسًا، فأعطي المبلغ المذكور وحمل بتخت روام، وقدمت له أعيان الشام وأكابرها الهدايا العظام من الدواب والأموال والملابس الفاخرة، وخرجت إلى وداعه الأعيان مع حضرة والي الشام الحاج أسعد باشا العظم، وكان خروجه من دمشق نهار الاثنين تاسع رجب الفرد من هذه السنة.
وبهذه الأيام توفي أحمد أفندي ديوان أفندي الباشا وهو الذي عمّر القصر في حائط الأحمدية في سوق الأروام، فمات عن غير ولد ولا وارث. قيل بلغت تركته سبع مئة كيس أكثرها من النقود الذهب، فأخذهم حضرة الباشا، والله يفعل ما يشاء. وفي تلك الأيام تعطلت مياه حارة الشاغور، ففرض على أصحابها أموال كثيرة، فاشتكوا لحضرة أسعد باشا والي الشام حفظه الله، فأمر أن لا يأخذوا من أحد شيئًا، بل أمر أن يدفع من خزنته خمسة عشر مئة غرش لعمل الماء وإجراء السيل.
قال المؤرخ البديري عفا الله تعالى عنه: خرجت لزيارة السيدة زينب ومعي ولدي مصطفى، نتلو كلام الله في طريقنا، إلى أن وصلنا إلى الست ودخلنا مزارها، وتفرجنا على العمارة التي عمّرها الحاج أسعد باشا العظم به في هذه السنة، فعمل بها داخل الحريم قصرين وإيوان ومشارق ومنافع، وغير ذلك مما خلد له الذكر بها، ووجدنا حضرة ابن عم الباشا مصطفى بيك حفظه الله قد زخرف حيطانها وسقوفها وحسّن بنيانها، وشرع في عمارة الحمام في هذا العام ونحن هناك. فجزاهما الله تعالى على هذا العمل الخيري أحسن الجزاء آمين.
وفي أول ليلة شهر شعبان سافر حضرة الحاج أسعد باشا إلى الدورة. وثاني ليلة من سفره قُتِلَت امرأة في أوّل الليل بين حارة السويقة وحارة قبر عاتكة ولم يتحقق قاتلها. وقد ثبت رمضان الخميس، ونائب السياسة موسى كيخية، وقاضي البلد خليل أفندي البكري، وأسعار الخبز وغيره كما ترى: فرطل الخبز بثلاث مصاري وبأربعة وبخمسة، وغرارة القمح باثني عشر قرش، ورطل اللحم بعشرين مصرية، ورطل الرز بعشرة مصاري في أيام موسمه، والدبس ثلاث أرطال وثلث بقرش، والوقية بمصرية وقطعة، ورطل البصل بثمانية مصاري، والحطب الرطل بمصرية، والسنديان قنطاره بمئة مصرية وعشرة مصاري. ولا أحد يسأل ولا كبير يتكلم، والفساد كثير والمولى خبير.
1 / 42