وفي يوم الخميس الحادي والعشرين ممن رجب ضرب مغربي حماته فقتلها. وبعد ثلاثة أيام قتل نصرانيًّا في الشاغور. وهذا المغربي بوّاب مصطفى بيك بن العظم، أخو أسعد باشا باشا الشام. وفي التاسع والعشرين من رجب هذه السنة كسفت الشمس حتى أظلمت الشام. ورأت الناس النجوم كما تراها في الليل، ومكثت مكسوفة إحدى وعشرين درجة، وصلّت الناس صلاة الكسوف في الجامع الأموي. وكان الإمام بالناس الشيخ أحمد المنيني أحد خطباء الجامع الأموي. وبلغني أنه في وقت الكسوف شعل قنديل جارنا الولي صاحب الكرامات الشيخ عز الدين أبو حمرة، ومقامه بجامعه المعروف به في باب السريجة. وفي تلك الأيام غارت العرب على جمال كثيرة في قرية القدم، وأخذت ولم يرجع منها شيء، كما وأنه في هذه الأيام غارت الدروز على قرية الزبداني وغيرها، وأخذوا منها كثيرًا من المواشي والأمتعة وغير ذلك.
وفي ليلة الجمعة رابع عشر من شعبان من هذه السنة خسف القمر خسوفًا بليغًا، حتى لم يظهر منه شيء، وكان ذلك في الساعة السابعة من الليل.
وفي يوم الثلاثاء خامس والعشرين من شهر شعبان قدم إلى دمشق السيد أبو بكر منلا خنكار قاصدًا الحج إلى بيت الله الحرام، وهو أوّل من قدم من الحجاج البعيدين. وفي ليلة الاثنين عشرة شهر رمضان المبارك قدم حضرة والي الشام وحاكمها الوزير الخطير أسعد باشا لعظم من الدورة، وهو في غاية الصحة، ولم يحصل منه ولا أدنى مكدر. وفي يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان قتل رجل في سوق ساروجا وقبضوا على قاتله. وفي يوم الاثنين ثالث والعشرين من شهر رمضان وجد رجل مشنوق في قصر السرايا في حارة السياس الذي فيها إقميم حمام الملكة، وبقي معلّقًا قبيل العصر، ولم يعلم قاتله، فأمر الباشا بدفنه، وذهب هدرًا. وفي الخامس والعشرين وجد قتيل في تربة باب الصغير عند قبر يزيد، ولم يعلم قاتله. وفي هذه السنة صمنا رمضان ثلاثين يومًا، وكان عيد الفطر الثلاثاء.
وفي يوم الأربعاء سادس عشر شوال جاء الحج الحلبي، وثاني يوم سابع عشر خرج موكب المحمل الشريف صحبة أميره وأمير الشام الحاج أسعد باشا، وفي تاسع عشر تبعه الركب الشامي.
وفي ليلة الاثنين قبل نصف الليل أقبل أحمد بشه بن القلطقجي وحاشيته وعبد الله بن حمزة وجماعته وكمال خليل وعنبر بشه وأحمد بشه دقماق ومعهم جماعة من الدروز الذين كانوا هاربين، ومعهم ستين رجلًا من الدروز من جماعة ابن تلحوق ونزلوا في حارة الميدان، وحرقوا بوّابة بيت القباني، ودخلوا داره بالتراويد والشوباش، ونهبوا كل ما فيه من أمتعة وغيرها، ولم يروا أحدًا من الرجال، ولم يقربوا الحريم، ونهبوا حاصلين حنطة وشعير، ونهبوا دار الحاج إسماعيل بن زعيتر، وكان شيخ الجمّالة، ولم يقربوا الحريم، وكان صاحب الدار في الحج. ونهبوا دار عبد الفتاح آغا باش شاويش، لأنه كان عليهم أكبر عواني، وبعد هروبهم كان يؤذي أهلهم، ثم قبضوا على ولده، وقالوا: إن لم تعلمنا بأبيك قتلناك، وإن دللتنا عليه فعليك الأمان، فمن خوفه أخرجه لهم وهو مخبأ في قليط، فقتلوه وقتلوا معه رجلًا من حاشية السرايا كان مارًّا عليهم وهم يقتلوه.
ولما بلغ موسى كيخية متسلم الشام فعلهم أرسل خلف الوالي والمفتي والقاضي، وأمرهم أن يأخذوا معهم الصنجق، ونادوا عليهم خوارج، ومن كان يحب الله ورسوله والسلطان يخرج لمقاتلتهم. فخرج المتسلم موسى كيخية ومعه القبقول والدالاتية والتفكجية، ولما قربوا من سوق السويقة نادوا عليهم وطلبوهم، وكانوا نازلين في قهوة الميدان، ثم لما وصلوا إلى باب المصلّى هجموا عليهم من كافة أقطار الميدان، وقتلوا منهم جماعة وجرحوا كثيرين، وقوّسوا فرس المتسلم وفرس المفتي ورجعوا خائبين. وثاني يوم سار إليهم الشيخ إبراهيم الجباوي نفعنا الله به، فتلقوه وقبلوا يديه، وقال لهم: يا أولادي ما مرادكم؟ قالوا: يخرج لنا محابيس الدروز ومجيئنا لأجلهم. فقال لهم: غدًا أردّ لكم الجواب. فأقاموا ذلك النهار بلا قتال. وثاني يوم جاء إليهم الشيخ إبراهيم، وقال لهم: يا أولادي، اصبروا حتى يأتي الباشا أو نرسل له حتى يأتي جوابه.
1 / 28