كلامه ويستقرئه إن شاء الله تعالى.
فصل
قاعدة هذا الرجل في اعتقاده وكشفه الباطل هو عند العلماء والعقلاء خيال لا حقيقة له، ووهم فاسد توهمه، وبنى عليه أصوله ودلائله؛ هو أن يجعل المعدوم شيئا ، ويجعل الماهيات بأسرها - من جميع ما علم من الأكوان علوها وملوها في عدمها أشياء ثابتة في أنفسها، لكن ليس لها وجود، فأفاض الحق تعالى عليها وجوده الذاتي، فقبلت الوجود بحسب استعدادها، فظهرت بعين وجود الحق الذاتي، فكان هو الظاهر فيها بحكم الوجود وهي كانت الظاهرة فيه بحكم الأسماء لتنوعها وتعددها ، ويجعل النسب التي بين الذوات والوجود هي أسماءه تعالى، لولاها لم يكن له اسم؛ فإن الوجود لما أفاض على الماهيات الثابتة عنده، قبلت كل ماهية من الوجود بحسب استعدادها، مثلا كان المرزوق والمنتقم منه، والمرحوم مرحوما والجميل جميلا، فقبلت كل ماهية بحسب ما اقتضاه استعدادها من ذلك الوجود المطلق، فظهر بذلك الاسم: الرزاق والرحيم والمنتقم، ولولا فيض هذا الوجود لم يكن لله تعالى أسماء أصلا، فإن كان شيئا مطلقا لا وجود له يتعين هذا على قواعده واصطلاحاته وتوهماته. ومذهب المسلمين أن الله تعالى لم تزل أسماؤه قديمة موجوده، لم يتجدد له بما أحدث من مخلوقاته شيء لم يكن له في قدمه. وهذا الكلام الذي انتحله هذا الرجل يقتضي أن الله تعالى كان لا وجود له في الظاهر، كان وجوده مطلقا لا يوصف بصفة ولا يسمى باسم، فأراد أن يقرن بنفسه، فتجلى بوجوده على الأعيان، فرأى نفسه فيها، كما قال:
صفحه ۳۲