وفي بعض كتب قومنا ما هو صريح في الاختلاف في ذلك حيث قالوا: اختلفوا في الإسلام هل هو الإيمان أو غيره، وإن كان غيره فهل هو منفصل يوجد دونه أو يلازمه؟ فقيل: إنهما اسمان مترادفان على معنى واحد، وقيل: إنهما متباينان لا متلازمان، وقيل: إنهما شيئان ولكنهما مرتبطان.
ويتعلق النظر بثلاثة أطراف: أحدها في مقتضى اللفظين في وضع اللسان، والثاني في وضعهما في لسان الشرع، والثالث في الأحكام المرتبة عليهما.
النظر الأول ما يتعلق بفهم اللغة، والإيمان في وضع اللغة عبارة عن التصديق، قال الله تعالى في قصة بني يعقوب عليهم السلام: {ومآ أنت بمومن لنا ولو كنا صادقين}[يوسف:17] أي بمصدق لنا.
والإسلام عبارة عن الاستسلام والإذعان والانقياد وترك التمرد والعناد والإباء، ومحل التصديق القلب واللسان ترجمان، أما <1/65> الاستسلام فيتعلق بجميع أعضاء الإنسان من القلب والجوارح واللسان، فإن كان تصديقا بالقلب فهو تسليم له، ويصح أن يستسلم ظاهره وباطنه ممتنع، وهو فعل المنافقين، فإن لفظ الإسلام المطلق يتناول القلب واللسان جميعا فيكون الإسلام على هذا أعم، وإن أطلق الإسلام على الاستسلام بالجوارح وأطلق الإيمان على الإيمان بالقلب تباين اللفظ والمعنى والمحل جميعا.
وأما استعمال الشرع هاتين اللفظتين فقد استعملهما للترادف والتباين والتداخل، أما التداخل فقوله تعالى: {فأخرجنا من كان فيها من المومنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين}[الذاريات:35/36]ولم يكن فيها بالاتفاق إلا بيت واحد وهو بيت لوط عليه السلام وبناته، وقال تعالى: {إن كنتم, ءامنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين} [يونس:84] ، وقال صلى الله عليه وسلم : "بني الإسلام على خمس"، وسئل مرة أخرى عن الإيمان فأجاب بهذه الخمس.
صفحه ۶۳